للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَصَلَ في حالٍ واحدةٍ، بجِنايةٍ واحدةٍ، مع زِيادَتِهِما على الثُّلثِ، فحَمَلَتْهُما العاقلةُ، كالدِّيَةِ الواحدةِ.

فصل: وإن كان الجانِى ذِمِّيًّا، فعَقْلُه على عَصَبَتِه من أهْلِ دِيَتِه المُعاهدينَ. في إحْدى الرِّوايتَيْنِ. وهو قولُ الشافعيِّ. وفي الأُخْرَى، لا يتَعاقَلُونَ؛ لأنَّ المُعاقَلةَ (٢٣) تَثْبُتُ في حَقِّ المُسْلِمِ على خِلافِ الأصْلِ، تَخْفيفًا عنه، ومَعُونةً له، فلا يُلْحَقُ به الكافِرُ، لأنَّ المسلمَ أعْظَمُ حُرْمةً، وأحَقُّ بالمُواساةِ والمَعُونةِ من الذِّمِّىِّ، ولهذا وجَبَتِ الزَّكاةُ على المسلمينَ مُواساةً لفُقَرائِهِم، ولم تَجِبْ على أهلِ الذِّمَّةِ لفُقَرائِهم، فتَبْقَى في حَقِّ الذِّمِّىِّ على الأصْلِ. ووَجْهُ الرِّوايةِ الأُولَى، أنَّهم عَصَبَةٌ يَرِثُونه، فيَعْقِلُون عنه، كعَصَبةِ المُسْلمِ من المسلمينَ، ولا (٢٤) يَعْقِلُ عنه عَصَبَتُه المسلمونَ؛ لأنَّهم لا يَرِثُونَه، ولا الحَرْبِيُّون؛ لأنَّ المُوالاةَ والنُّصْرَةَ مُنْقَطِعةً بينهم. ويَحْتَمِلُ أن يَعْقِلُوا عنه، إذا قُلْنا: إنَّهم يَرِثُونَه. لأنَّهم أهْلُ دِينٍ واحدٍ، يَرِثُ بعضُهم بعضًا. ولا يَعْقِلُ يَهُودِىٌّ عن نَصْرانِيٍّ، ولا نَصْرانِىٌّ عن يَهُودِيٍّ؛ لأنَّهم لا مُوالاةَ بينهم، وهم أهْلُ مِلَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ. ويَحْتَمِلُ أن يتَعاقَلَا، بِناءً على الرِّوايتَيْنِ في تَوارُثِهما.

فصل: وإن تَنَصَّرَ يَهُودِىٌّ، أو تَهَوّدَ نَصْرانىٌّ، وقُلْنا: إنَّه يُقَرُّ عليه. عَقَلَ عنه عَصَبَتُه من أهلِ الدِّينِ الذي انْتَقَلَ إليه. وهل يَعْقلُ عنه الذين انْتَقلَ عن دِينِهم؟ على وَجْهَيْنِ. وإن قُلْنا: لا يُقَرُّ. لم يَعْقِلْ عنه أحَدٌ؛ لأنَّه كالمُرْتَدِّ، والمُرْتَدُّ لا يَعْقِلُ عنه أحَدٌ؛ لأنَّه ليس بمُسْلمٍ فيَعْقِلُ عنه المسلمونَ، ولا ذِمِّىٍّ فيَعْقِلُ عنه أهلُ الذِّمَّةِ، وتكونُ جِنايَتُه في مالِه. وكذلك كلُّ مَنْ لا تَحْمِلُ عاقِلَتُه جِنايَتَه، يكونُ مُوجَبُها في مالِه، كسائرِ الجِناياتِ التي لا تَحْمِلُها العاقِلَةُ.

فصل: ولو رَمَى ذِمِّىٌّ صَيْدًا، ثم أسْلمَ، ثم أصابَ السَّهْمُ آدَمِيًّا فقَتَلَه، لم يَعْقِلْه (٢٥)


(٢٣) في ب: "العاقلة".
(٢٤) في ب: "وبه".
(٢٥) في ب زيادة: "عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>