للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَذْهَبِ أنَّها تُجْزِئُ. وقال أصحابُ الشافِعِىّ: لا تُجْزِئُ؛ لأنَّ الاعتبارَ بحالِ إيجابِها، ولأنَّ الزَيادَةَ فيها كانت للمساكِينِ، كما أَنَّ نَقْصَها بعدَ إيجابِها عليهم لا يَمْنَعُ (٣) كونَها أُضْحِيَةً. ولَنا، أَنَّ هذه أُضْحِيَةٌ يُجْزِئُ مثلُها، فتجْزِئُ كما لو لم يُوجِبْهاِ إلا بعدَ زَوالِ عَيْنِها.

١٧٥٨ - مسألة؛ قال: (وَلَا تُبَاعُ أُضْحِيَةُ الْمَيِّت فى دَينهِ، ويَأْكُلُهَا وَرَثَتُهُ)

يعنى إذا أوْجَبَ أُضْحِيَةً، ثم ماتَ، لم يَجُزْ بَيْعُها وإِنْ كان على المَيِّتِ دَيْنٌ لا وفاءَ له. وبهذا قال أبو ثَوْرٍ، ويُشْبِهُ مذهبَ الشافِعِىِّ. وقال الأوْزَاعِىُّ: إنْ تَرَكَ دَيْنًا لا وَفاءَ له إلَّا منها، بِيعَتْ فيه. وقال مالِكٌ: إنْ تشاجَرَ الورَثَةُ فيها باعُوها. ولَنا، أنَّه تَعَيَّنَ ذَبْحُها، فلم يصِحَّ بَيْعُها فى دَيْنِه، كما لو كان حَيًّا (١). إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ ورَثَتَه يقومُون مَقامَه فى الأَكْلِ والصَّدَقَةِ والهَدِيَّة؛ لأَنَّهم يقومُون مَقامَ مَوْرُوثِهم فيما له وعليه.

فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ، هل تجوزُ التَّضْحِيَةُ عن اليَتيِم من مالِه؟ فرُوِىَ أنَّه ليس للوَلِىِّ ذلك؛ لأنَّه إخْراجُ شىءٍ من ما لِه بغيرِ عِوَض، فلم يَجُزْ، كالصَّدَقَةِ والهَدِيَّةِ. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. ورُوِىَ أَنَّ للوَلِى أَنْ يُضَحِّىَ عنه إذا كان مُوسِرًا. وهذا قولُ أبى حَنِيفَةَ، ومالِكٍ. قال مالِكٌ: إذا كان له ثلاثُون دينارًا، يُضَحِّى عنه بالشَّاةِ، بالنِّصْفِ (٢) دينارٍ؛ لأنَّه إخْراجُ مالٍ يتَعَلَّقُ بيومِ العيدِ، فجازَ إخْراجُه من مالِ الْيَتيمِ، كَصَدَقَةِ الفِطْرِ. فعلى هذا، يكونُ إخْراجُها من مالِه على سبيلِ التَّوْسِعَةِ عليه، والتَّطْيِيبِ لقَلْبه، وإشْراكِه لأَمْثالِه فى مثلِ هذا اليومِ، كما يشْتَرِى له الثيابَ المُرْتَفِعَةَ (٣) للتَّجَمُّلِ، والطَّعامَ الطَّيِّبَ، ويُوَسِّعُ عليه فى النَّفَقَةِ وإِنْ لم يجبْ ذلك. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ كلامُ أحمدَ فى الرِّوايَتَيْنِ على حالَيْن؛ فالموضِعُ الذى (٤) مَنَعَ التَّضْحِيَةَ، إذا كان اليَتيمُ طِفْلًا لا يعْقِلُ التَّضْحِيَةَ، ولا


(٣) فى م زيادة: "من".
(١) فى ب: "حقا".
(٢) فى م: "بنصف".
(٣) فى م: "الرفيعة".
(٤) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>