للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جازَتْ، كدارِ الإِسلامِ، ولأنَّ المِلْكَ ثبَتَ فيها بالقَهْرِ والغَلَبةِ (٩) والاسْتِيلاءِ، فصَحَّتْ قِسْمَتُها، كما لو أُحْرِزَت بدارِ الإِسلامِ. والدليلُ على ثُبوتِ المِلْكِ فيها أمورٌ ثلاثة؛ أحدُها، أنَّ سَبَبَ المِلْكِ الاسْتِيلاءُ التَّامُّ، وقد وُجِدَ، فإنَّنا أثْبَتْنَا أيْدِيَنا عليها حَقِيقةً، وقَهَرْناهم، ونَفَيْناهم عنها، والاسْتِيلاءُ يدُلُّ على حاجَةِ المُسْتَوْلِى، فيَثْبُتُ به (١٠) المِلْكُ، كما فى المُباحات. الثانى، أنَّ ملْكَ الكُفَّارِ قد زالَ عنها، بدليلِ أنَّه لا ينْفُذُ عِتْقُهم فى العَبيدِ الذين حَصَلُوا فى الغنيمةِ، ولا يصِحُّ تصَرُّفُهم فيها، ولم يُزلْ مِلْكُهم إلى غير مالِك، إذْ ليست فى هذه الحالِ مُباحةً، فعُلِمَ (١١) أنَّ مِلكَهم (١٢) زالَ إلى الغانِمين. الثالثُ، أنَّ لو أَسْلَمَ عبدُ الحَرْبِىِّ، ولَحِقَ بجيشِ المسلمين، صارَ حُرًّا، وهذا يدُلُّ على زَوالِ مِلْكِ الكافِرِ، وثُبوتِ المِلْكِ لِمَنْ قَهَرَه، وبهذا يحْصُلُ الجوابُ عمّا ذكرُوه.

١٦٥٥ - مسألة؛ قال: (وإذَا سُبُوا، لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِه، وَلَا بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا)

أجْمَعَ أهلُ العِلْمِ على أنَّ التَّفْرِيقَ بين الأُمِّ وولَدِها الطِّفْلِ غيرُ جائِزٍ. هذا قولُ مالِك فى أهلِ المدينةِ، والأَوْزاعِىِّ فى أهلِ الشامِ، واللَّيْث فى أهلِ مصرَ، والشافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ فيه. والأصلُ فيه ما رَوَى أبو أَيُّوبَ، قال: سمِعْتُ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "مَنْ فرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ ووَلَدِها، فرَّقَ اللهُ بَيْنَه وَبيْنَ أحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ". أخرجَهُ التِّرْمِذِىّ (١) وقالَ: حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ. وقال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا" (٢). قال أحمدُ: لا يُفَرَّقُ بين الأُمّ وولَدِها وإنْ رَضِيَت. وذلك -واللَّه أعْلَمَ- لما فيه من الإِضْرارِ بالوَلدِ، ولأنَّ المرأَةَ قد تَرْضَى بما فيه ضَرَرُها، ثمّ يَتَغَيَّرُ قَلْبُها بعدَ


(٩) سقط من: أ، ب، م.
(١٠) سقط من: م.
(١١) فى الأصل، ب، م: "علم".
(١٢) فى م: "ملكها".
(١) تقدم تخريجه، فى: ٦/ ٢٣٢.
(٢) أخرجه البيهقى، فى: باب الأم تتزوج فيسقط حقها من حضانة الولد. . . من كتاب النفقات. السنن الكبرى ٨/ ٥. وانظر ما تقدم فى: ٦/ ٣٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>