للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فزَادَ أحَدُهما، ووَجَدَ المُشْتَرِى الآخَرَ به عَيْبًا، قُلْنا: بائِعُ المَعِيبِ سَلَّطَ مُشْتَرِيَه على الفَسْخِ، بِبَيْعِه المَعِيبَ، فكأنَّ الفَسْخَ وُجِدَ منه. ولهذا قُلْنا، فيما إذا فَسَخَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ لِعَيْبِ المَرْأةِ قبل الدُّخُولِ: لا صَدَاقَ لها، كما لو فَسَخَتْه. وعلى هذا لا فَرْقَ بين الزِّيَادَةِ في العَيْنِ، كالسِّمَنِ والطُّولِ ونحوهما، أو في المَعَانِى، كتَعَلُّمِ [صَنْعَةٍ أو كِتَابةٍ أو قُرْآنٍ] (٤١) أو عِلْمٍ، أو إسْلَامٍ، أو قَضَاءِ دَيْنٍ عنه. وبهذا قال محمدُ بن الحَسَنِ. وقال أبو حَنِيفةَ: الزِّيَادَةُ بِتَعْلِيمِ القُرْآنِ وقَضَاءِ الدَّيْنِ عنه، لا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ. ولَنا، أنَّها زِيَادَةٌ لها مُقَابِلٌ من الثَّمَنِ، فمَنَعَتِ الرُّجُوعَ، كالسِّمَنِ وتَعَلُّمِ الصَّنْعةِ. وإن زادَ ببُرْئِه من مَرَضٍ أو صَمَمٍ، مَنَعَ الرُّجُوعَ، كسائِرِ الزِّيادَاتِ، وإن كانت زِيَادَةُ العَيْنِ أَو التَّعَلُّمِ لا تَزِيدُ في قِيمَتِه شيئًا، أو يَنْقُصُ منها، لم يَمْنَعِ الرُّجُوعَ؛ لأنَّ ذلك ليس بِزِيَادَةٍ في المالِيَّةِ. وأمَّا الزِّيَادَةُ المُنْفَصِلَة، كَولَدِ البَهِيمَةِ، وثَمَرةِ الشَّجَرَةِ، وكَسْبِ العَبْدِ، فلا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ بغيرِ اخْتِلَافٍ نَعْلَمُه. والزِّيَادَةُ لِلْوَلَدِ؛ لأَنَّها حادِثَةٌ في مِلْكِه، ولا تَتْبَعُ في الفُسُوخِ، فلا تَتْبَعُ ههُنا. وذَكَرَ القاضي وَجْهًا آخَرَ، أنَّها للأَبِ. وهو بَعِيدٌ، فإنْ كانت الزِّيادَةُ وَلَدَ أمَةٍ لا يجوزُ التَّفْرِيقُ بينه وبين أُمِّهِ، مَنَعَ الرُّجُوعَ؛ لأنَّه يَلْزَمُ منه التَّفْرِيقُ بينه وبين أُمِّه، وذلك مُحَرَّمٌ (٤٢)، إلَّا أن نَقُولَ إنَّ الزِّيادَةَ المُنْفَصِلَةَ للأَب، فلا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ؛ لأنَّه يَرْجِعُ فيهما جَمِيعا، أو يَرْجِعُ في الأُمِّ، ويَتَمَلَّكُ (٤٣) الوَلد من مالِ وَلدِه.

فصل: وإن قَصَرَ (٤٤) العَيْنَ أو فَصَّلَها، فلم تَزِدْ قِيمَتُها، لم تَمْنَع الرُّجُوعَ؛ لأنَّ العَيْنَ لم تَزِدْ ولا القِيمَةَ، وإن زادَتْ قِيمَتُها، فهى زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، هل تَمْنَعُ الرُّجُوعَ أو لا؟ مَبنِيٌّ (٤٥) على الرِّوَايَتَيْنِ في السِّمْنةِ. ويَحْتَمِلُ أن تَمْنَعَ هذه الزِّيَادَةُ الرُّجُوعَ بكلِّ


(٤١) في الأصل: "الصناعة أو الكتابة أو القرآن".
(٤٢) في الأصل: "يحرم".
(٤٣) في الأصل: "ويملك".
(٤٤) قصر الثوب: دقه وبيضه.
(٤٥) في الأصل: "يبنى".

<<  <  ج: ص:  >  >>