للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ} إلى قولِه: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} (١٤). فَسَمَّاها يَمِينًا، وسَمَّاها رَسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قَسَمًا وقالت عاتِكَةُ بنتُ عبدِ المطَّلب، عَمَّةُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (١٥):

حَلَفْتُ لَئِنْ عَادُوا لنَصْطَلِمَنَّهُمْ ... لجاءُوا تَرَدَّى حَجْرَتَيْها الْمَقانِبُ

وقالت عاتِكَةُ بِنتُ زيدِ بنِ عمرِو بنِ نُفَيْل (١٦):

فَآلَيْتُ لا تَنْفَكُّ عَيْنِى خَزِينةً ... عَلَيْكَ ولا يَنْفَكُّ جِلْدِىَ أَغْبَرَا

وقولُهم: يَحْتَمِلُ القَسَمَ بغيرِ اللَّهِ. قُلْنا: إنَّما يُحْمَلُ على القَسَمِ المشْروعِ، ولهذا لم يكُنْ هذا مَكْرُوهًا، ولو حُمِلَ على القَسَمِ بغيرِ اللَّه، كان مَكْرُوهًا، ولو كان مَكْرُوهًا لم يفْعَلْه أبو بكرٍ بينَ يَدَىِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا أَبَرَّ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَسَمَ العبَّاسِ حينَ أَقْسَمَ عليه.

فصل: وإِنْ قال: أعْزِمُ، أو عَزَمْتُ. لم يكُنْ قَسَمًا، نَوَى به القَسَمَ أو لم يَنْوِ؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ لهذا اللَّفْظِ عُرْفٌ فى شَرْعٍ ولا اسْتعمالٍ، [ولا هو مَوْضوعٌ (١٧) للقَسَمِ، ولا فيه دلالَةٌ عليه، وكذلك لو قال: أسْتَعِينُ باللَّهِ، أو اعتَصِمُ باللَّهِ، أو أَتَوَكّلُ على اللَّهِ، أو عَلِمَ اللَّهُ، أو عَزَّ اللَّه، أو (١٨) تبارَكَ اللَّهُ. ونحو هذا، لم يكُنْ يَمِينًا، نَوَى أو لم يَنْوِ؛ لأنَّه ليس بِمَوْضُوعٍ للقَسَمِ لُغَةً، ولا ثبتَ له عُرْفٌ فى شَرْعٍ ولا اسْتِعْمالٍ] (١٩)، فلم يجِبْ به شىءٌ، كما لو قال: سبحانَ اللَّهِ، والحمدُ للَّهِ، ولا إله إلَّا اللَّه، واللَّهُ أَكْبَرُ.

١٧٩٠ - مسألة؛ قال: (أو بِأَمانَةِ اللَّهِ)

قال القاضِى: لا يَخْتَلِفُ المذهبُ فى أَنَّ الحَلِفَ بأمانةِ اللَّهِ يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشافِعِىُّ: لا تَنْعَقِدُ اليمينُ بها، إلَّا أَنْ يَنْوِىَ الحَلِفَ بصِفَةِ اللَّهِ تعالى؛ لأَنَّ الأمانَةَ تُطْلَقُ على الفرائِض والوَدائِعِ والحُقوقِ، قال اللَّهُ تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى


(١٤) سورة المنافقون ١، ٢.
(١٥) البيت فى: البداية والنهاية ٣/ ٣٤٠. الاصطلام: الاستئصال. وحجرتاها: جانباها. والمقانب الذئاب الضارية.
(١٦) البيت فى: الطبقات الكبرى ٨/ ٢٦٦، المردفات من قريش ٦٢، الاستيعاب ٤/ ١٨٧٨، أسد الغابة ٧/ ١٨٤. وفى المردفات: "عينى سخينة"، وفى المراجع الأخرى: "حزينة".
(١٧) فى م: "موضع".
(١٨) سقط من: م.
(١٩) سقط من: ب. . نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>