للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والانْصِرَافِ، كما في حَدِيثِ ذِى اليَدَيْنِ، فالسُّجُودُ أوْلَى.

الفصل الثَّانى: أنَّه لا يَسْجُدُ بعد طُولِ المُدَّةِ. واخْتُلِفَ في ضَبْطِ المُدَّةِ التي يَسْجُد فيها، ففى قَوْلِ الْخِرَقِىِّ، يَسْجُدُ ما كان في المَسْجِدِ، فإنْ خَرَجَ لم يَسْجُدْ. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ الحَكَمِ، وابْنِ شُبْرُمَةَ. وقال القَاضِى: يُرْجَعُ في طُولِ الفَصْلِ وقِصَرِه إلى العَادَةِ، وهذا قَوْلٌ لِلشَّافِعِىِّ (٤)؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَجَع إلى المَسْجِدِ بعد خُرُوجِه منه في حَدِيثِ عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ (٥)، فالسُّجُودُ أوْلَى، وحَكَى ابنُ أبِى موسى، عن أحمدَ، رِوَايةً أُخْرَى، أنَّه يَسْجُدُ وإن خَرَجَ وتَباعَدَ. وهو قولٌ ثانٍ للشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه جُبْرَانٌ يأْتِى به بعدَ (٦) طُولِ الزَّمَانِ كجُبْرَانِ الحَجِّ. وهذا قولُ مالِكٍ إن كان لِزِيَادَةٍ، وإن كان لِنَقْصٍ أتَى به ما لم يَطُل الفَصْلُ؛ لأنَّه لِتَكْمِيلِ الصَّلَاةِ. ولَنا، أنَّه لِتَكْمِيلِ الصَّلَاةِ، فلا يَأْتِى به بعد طُولِ الفَصْلِ، كرُكْنٍ من أرْكَانِها، وكما لو كان مِن نَقْصٍ، وإنَّما ضَبَطْنَاه بِالمَسْجِدِ؛ لأنَّه مَحَلُّ الصَّلاةِ ومَوْضِعُها، فاعْتُبِرَتْ فيه المُدَّةُ، كخِيَارِ المَجْلِسِ.

الفصل الثَّالث: أنَّه متى سَجَدَ لِلسَّهْوِ، فإنَّه يُكَبِّرُ لِلسُّجُودِ والرَّفْعِ منه، سَوَاءٌ كان مَحَلُّه (٧) قبلَ السَّلَامِ أو بعدَه. فإنْ كان قَبْلَ السَّلامِ سَلَّمَ عَقِبَه. وإن كان بَعْدَه تَشَهَّدَ، وسَلَّمَ، سَوَاءٌ كان مَحَلُّه بعدَ السَّلَامِ، أو كان قبلَ السَّلام فَنَسِيَه إلى ما بَعْدَه. وبهذا قال ابنُ مسعودٍ، والنَّخَعِىُّ، وقَتَادَةُ، والحَكَمُ وحَمَّادٌ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ في التَّشَهُّدِ والتَّسْلِيمِ (٨). وقال أنَسٌ، والحسنُ، وعَطَاءٌ: لَيْسَ فيهما تَشَهُّدٌ ولا تَسْلِيمٌ. وقال ابنُ سِيرِينَ، وابنُ المُنْذِرِ: فِيهِما تَسْلِيمٌ بغيرِ تَشَهُّدٍ. قال ابنُ المُنْذِرِ: التَّسْلِيمُ فيهما ثابِتٌ من غيرِ وَجْهٍ، وفى


(٤) في أ، م: "الشافعي".
(٥) تقدم في صفحة ٤٠٥.
(٦) سقط من: ا، م.
(٧) من: أ.
(٨) في: "والسلام".

<<  <  ج: ص:  >  >>