للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحَضَانةِ المُوسِرَ والحَضَرِيَّ، ولا نُقَدِّمُهُما في دَعْوَى النَّسَبِ. قال ابن المُنْذِرِ: إذا كان عَبْدٌ، امْرَأته أمَةٌ، في أيْدِيهِما صَبِيٌّ، فادَّعَى رَجُلٌ من العَرَبِ امْرَأتُه عَرَبِيَّةٌ أنَّه ابْنُه من امْرَأتِه، فأقام العَبْدُ بَيِّنةً بِدَعْواه [أنه ابْنُه] (٢٠)، فهو ابْنُه في قولِ أبى ثَوْرٍ وغيرِه. وقال أصْحابُ الرَّأْى: يُقْضَى به لِلْعَربِىِّ، لِلْعِتْقِ الذي يَدْخُلُ فيه، وكذلك لو كان المُدَّعِى من المَوَالِى عَبْدَهُم. وقولُهم هذا غير صَحِيحٍ؛ لأنَّ العَربَ وغيرَهم في أحْكامِ اللَّه ولُحُوقِ النَّسَبِ بهم سواءٌ.

الفصل الثاني: أنَّه إذا ادَّعاهُ اثْنانِ، فكان لأحَدِهِما به بَيِّنةٌ، فهو ابْنُه. وإن أقَامَا بَيِّنَتَينِ، تَعَارَضَتَا، وسَقَطَتَا، ولا يمكنُ اسْتِعْمالُهما ههُنا؛ لأنَّ اسْتِعْمالَهُما في المالِ إمَّا بِقِسْمَتِه بين المُتَدَاعِيَيْنِ، ولا سَبِيلَ إليه ههُنا، وإمَّا بالإِقْراعِ بينهما، والقُرْعَةُ لا يَثْبُتُ بها النَّسَبُ. فإن قيل: فإنَّ ثُبُوتَه ههُنا يكونُ بالبَيِّنةِ لا بالقُرْعةِ، وإنَّما القُرْعةُ مُرَجِّحَةٌ. قُلْنا: فيَلْزَمُ أنَّه إذا اشْتَرَكَ رَجُلانِ في وَطْءِ امْرأةٍ، فأتَتْ بِوَلَدٍ، أنْ (٢١) يُقْرَعَ بينهما، ويكونُ لُحُوقُه بالوَطْءِ لا بالقُرْعةِ.

الفصل الثالث: أنَّه إذا لم تكُنْ به (٢٢) بَيِّنةٌ، أو تَعَارَضَتْ به بَيِّنتانِ، وسَقَطَتَا، فإنَّا نُرِيه القافَةَ معهما، أو مع عَصَبَتِهِما عندَ فَقْدِهِما، فنُلْحِقُه بمَن ألْحَقَتْهُ به منهما. هذا قول أنَسٍ، وعَطَاءٍ، ويَزِيدَ بن عبد المَلِكِ، والأوْزاعِىِّ، واللَّيْثِ، والشافِعِىِّ، وأبي ثَوْرٍ. وقال أصْحابُ الرَّأْيِ: لا حُكْمَ لِلْقَافَةِ، ويُلْحَقُ بالمُدَّعِيَيْنِ جميعا؛ لأنَّ الحُكْمَ بالقَافَةِ تَعْوِيلٌ على مُجَرَّدِ الشَّبَهِ والظَّنِّ والتَّخْمِينِ، فإنَّ الشَّبَهَ يُوجَدُ بين الأجانِبِ، ويَنْتَفِى بين الأقَارِبِ، ولهذا رُوِى عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّ رَجُلًا أتَاهُ، فقال: يا رسولَ اللَّه، إنَّ امْرَأَتِى وَلَدَتْ غُلَامًا أسْوَدَ، فقال: "هَلْ لَكَ مِنْ إبِلٍ؟ " قال:


(٢٠) سقط من: الأصل.
(٢١) سقط من: م.
(٢٢) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>