للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأسْرِ، فهو كفَكِّ رَقَبةِ العَبْدِ من الرِّقِّ، ولأنَّ فيه إعْزازًا للدِّينِ، فهو كَصرْفِهِ إلى المُؤَلّفةِ قُلُوبُهُم، ولأنَّه يَدْفَعُه (١٠) إلى الأسيرِ [فى فَكِّ] (١١) رَقَبتِه، فأشْبَهَ ما يَدْفَعُه إلى الغارِمِ لِفَكِّ رَقبتِه من الدَّينِ.

١٠٩١ - مسألة؛ قال: (فَمَا رَجَعَ مِنَ الْوَلَاءِ رُدَّ فِى مِثْلِهِ)

يَعْنِى يُعْتِقُ به أيضًا. وبهذا قال الحسنُ، وإسحاقُ. وقال أبو عُبَيْدٍ: الوَلاءُ للمُعْتِقِ، لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" (١). وقال مالكٌ: وَلاؤُه لسائرِ المسلمينَ؛ لأنَّه مالٌ لا مُسْتَحِقَّ له، أشْبَهَ مالَ مَنْ لا وارِثَ له. وقال الْعَنْبرىُّ: يجْعَلُه فى بيتِ المالِ للصَّدقاتِ؛ لأنَّ عِتْقَه من الصَّدَقةِ، فولاؤُه يَرْجِعُ إليها، ولأنَّ عِتْقَه بمالٍ هو للَّهِ، والمُعْتِقُ نائبٌ عن اللَّه تعالى فى الشَّراءِ والإِعْتاقِ، فلم يكُنِ الوَلاءُ له، كما لو تَوَكّلَ فى الإِعْتاقِ، وكالسَّاعِى إذا اشْتَرَى من الزَّكاةِ رقبةً وأعْتَقَها، ولأنَّ الوَلاءَ أثَرُ الرِّقِّ، وفائدةٌ من المُعْتَقِ، فلم يَجُزْ أن يَرْجِعَ إلى المُزَكِّى، لإِفْضائِه إلى أن يَنْتَفِعَ بزَكاتِه. وقد رُوِىَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على أَنَّ الوَلاءَ له. وقد سَبق ذلك فى بابِ الوَلاءِ.

فصل: ولا يَعْقِلُ عنه. اخْتارَه الخَلّالُ. وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى، أنَّه يَعْقِلُ عنه. اخْتارها أبو بكرٍ؛ لأنَّه مُعْتِقٌ، فيَعْقِلُ عنه، كالذى أعْتَقَه من مالِه، وإنَّما لم يأخُذْ مِيراثَه بالوَلاءِ؛ لئلَّا يَنْتَفِعَ بزَكاتِه، والعَقْلُ عنه ليس بانْتفاعٍ، فيَبْقَى (٢) على الأصْلِ. ولَنا، أنَّه لا وَلاءَ عليه، فلم يَعْقِلْ عنه، كما لو كان وَكِيلًا فى العِتْقِ، ولأنَّه لا يَرِثُه، فلم يَعْقِلْ عنه، كما لو اخْتَلَفَ دِينُهما، وما ذَكَرَه يَبْطُلُ بالوَكِيلِ والسَّاعِى إذا أعْتَقَ من الزَّكاةِ.


(١٠) فى ب: "دفعه".
(١١) فى م: "لفك".
(١) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٥٩.
(٢) فى أ: "فبقى".

<<  <  ج: ص:  >  >>