للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَذْكُورَتَيْن فى الآية. قال القاضى: إنَّما حَكَى قولَ سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ ولم يَأْخُذْ به (٣٦). وقد صَرَّحَ فى رِوايةِ المَروذِىِّ، أنَّه مَحْرَمٌ يَجُوزُ له المُسافَرَةُ بهما (٣٧). وقال، فى رِوايةِ أبى طالبٍ: ساعةَ يَعْقِدُ عُقْدَةَ النكاحِ تَحْرُمُ عليه أُمُّ امْرَأتِه، فله أن يَرَى شَعْرَها ومَحاسِنَها، ليست مثل التى يَزْنِى بها، لا يَحِلُّ له أبدًا أن يَنْظُرَ إلى (٣٨) شَعْرِها، ولا إلى شىءٍ من جَسَدِها، وهى حَرَامٌ عليه.

فصل: فأمَّا أُمُّ المَزْنِىِّ بها وابنتُها، فلا يَحِلُّ له النَّظَرُ إليهنَّ، وإن حُرِّمَ نِكاحُهُنَّ؛ لأنَّ تَحْرِيمَهُنَّ بِسَبَب مُحَرَّمٍ، فلم يُفِدْ إباحةَ النَّظَرِ، كالمُحَرَّمةِ باللِّعَانِ. وكذلك بِنْتُ المَوْطوءةِ بشُبْهةٍ وأُمُّها، ليست من ذواتِ مَحارِمِه. وكذلك الكافِرُ ليس بمَحْرَمٍ لقَرَابتِه المُسْلِمة. قال أحمدُ، فى يَهُودِىٍّ أو نَصْرَانِىٍّ أسْلَمَتْ بِنْتُه: لا يُسافِرُ بها، ليس هو مَحْرَمًا لها. والظَّاهرُ أنَّه أراد ليس مَحْرَمًا لها فى السَّفَرِ، أما النَّظرُ فلا يجبُ عليها الحِجابُ منه؛ لأنَّ أبا سُفْيانَ أتَى المدِينةَ وهو مُشْرِكٌ، فدَخَلَ على ابْنَتِه أُمِّ حَبِيبةَ، فطَوَتْ فِرَاشَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لِئَلَّا يَجْلِسَ عليه، ولم تَحْتَجِبْ منه، ولا أُمرَها بذلك النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣٩).

فصل: وعَبْدُ المرأةِ له النَّظرُ إلى وَجْهِها وكفَّيْها؛ لقولِ اللَّه تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (٤٠). ورَوَتْ أُمُّ سَلَمةَ، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذَا كَانَ لإحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ، فمَلَكَ مَا يُؤَدِّى، فَلْتَحْتَجِبْ (٤١) مِنْهُ" (٤٢). قال التِّرمِذِىُّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وعن أبى قِلابةَ، قال: كان أزْواجُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يَحْتَجِبْنَ من مُكاتَبٍ،


(٣٦) سقط من: ب.
(٣٧) فى م: "بها".
(٣٨) سقط من: الأصل.
(٣٩) انظر: الطبقات الكبرى. لابن سعد (بيروت) ٨/ ٩٩، ١٠٠.
(٤٠) سورة النور ٣١.
(٤١) فى م: "فتحتجب".
(٤٢) تقدم تخريجه فى صفحة ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>