للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما بَقِىَ عليه دِينارٌ. روَاه سعيدٌ، فى "سُنَنِه" (٤٣). وعن أنس، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أتَى فاطمةَ بعَبْدٍ قد (٤٤) وَهَبَه لها، وعلى فاطمةَ ثَوْبٌ إذا قَنَّعَتْ به رَأْسَها لم يَبْلُغْ رِجْلَيْها، وإذا غَطَّتْ به رِجْلَيْها لم يبلُغْ رأسَها، فلمَّا رأى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما تَلْقَى، قال: "إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ، إنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وغُلامُكِ". روَاه أبو داودَ (٤٥). وكَرِه أبو عبدِ اللَّه له أن يَنْظُرَ إلى شَعْرِ مَوْلاتِه. وهو قولُ سعيدِ بن المُسَيَّبِ، وطاوُسٍ، ومُجاهدٍ، والحسنِ. وأباحَ له ذلك ابنُ عباسٍ؛ لما ذَكَرنا من الآيتَيْنِ والخبَرَيْنِ (٤٦)؛ ولأنَّ اللَّهَ تعالى قال: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} إلى قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (٤٧). ولأنَّه يَشُقُّ التَّحَرُّزُ منه، فأُبِيحَ له ذلك كذَوِى الْمَحارِمِ. وقال أصحابُ الشافعىِّ: هو مَحْرَمٌ حكمُه حكمُ المحارِمِ من الأقارِبِ، فى أحدِ الوَجْهَيْنِ. لما ذكرنا من الدَّليلِ، ولأنَّه مُحَرَّمٌ عليها، فكان مَحْرَمًا كالأقارِبِ. ولَنا، ما رَوَى ابنُ عمرَ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سَفَرُ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِهَا ضَيْعةٌ". رواه سعيدٌ (٤٨)، ولأنَّها لا تَحْرُمُ عليه على التَّأْبِيدِ ولا يَحِلُّ له اسْتِمتاعُها، فلم يكنْ مَحْرَمًا كزَوْجِ أخْتِها، ولأنَّه غيرُ مأمُونٍ عليها، إذ ليستْ بينهما نُفْرةُ المَحْرَمِيَّةِ (٤٩)، والمِلْكُ لا يَقْتَضِى النُّفْرةَ الطَّبِيعِيَّةَ، بدليلِ السَّيِّدِ مع أمَتِه. وإنَّما أُبِيحَ له من النَّظرِ ما تَدْعُو الحاجةُ إليه، كالشاهدِ والمُبْتاعِ ونحوِهِما، وجَعَلَه بعضُ أصْحابِنا كالأجنبىِّ؛ لما ذكرناه. والصَّحيحُ ما قُلْنا، إن شاءَ اللَّهُ تعالى.


(٤٣) لم نجده فيما بين أيدينا من سنن سعيد بن منصور. وأخرجه البيهقى، فى: باب المكاتب عبد ما بقى عليه درهم، من كتاب المكاتب. السنن الكبرى ١/ ٣٢٥.
(٤٤) فى ب: "وقد".
(٤٥) فى: باب فى العبد ينظر إلى شعر مولاته، من كتاب اللباس. سنن أبى داود ٢/ ٣٨٣.
(٤٦) فى م: "والحديثين".
(٤٧) سورة النور ٥٨.
(٤٨) وأورده الهيثمى، فى: باب سفر النساء، من كتاب الحج. مجمع الزوائد ٣/ ٢١٤.
(٤٩) فى الأصل: "الحرمية".

<<  <  ج: ص:  >  >>