للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٨٥ - مسألة؛ قال: (ويُسْتَحَبُّ تَعْزِيةُ أهْلِ المَيِّتِ)

لا نعلمُ في هذه المسأَلْةِ خِلَافًا، إلَّا أنَّ الثَّوْرِيَّ قال: لا تُسْتَحَبُّ التَّعْزِيَةُ بعدَ الدَّفْنِ؛ لأنَّه خَاتِمَةُ أمْرِه. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه عليه السَّلَامُ: "مَنْ عَزَّى مُصَابًا، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ (١). وقال: هو حَدِيثٌ غَرِيبٌ. ورَوَى ابنُ مَاجَه، في "سُنَنِهِ" (٢) عن عبدِ اللَّه بنِ أبي بكرِ بنِ محمدِ بن عَمْرِو بنِ حَزْمٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّى أخَاهُ بِمُصيبَةٍ، إِلَّا كَسَاهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ مِنْ حُلَلِ الكَرَامَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ". وقال أبو بَرْزَةَ: قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ عَزَّى ثَكْلَى، كُسِىَ بُرْدًا في الجَنَّةِ". قال التِّرْمِذِىُّ (٣): هذا ليسَ إسْنادُهُ بالقَوِيِّ. والمَقْصُودُ بالتَّعْزِيَةِ تَسْلِيَةُ أهْلِ المُصِيبَةِ، وقَضاءُ حُقُوقِهم، والتَّقَرُّبُ إليهم، والحاجةُ إليها بعدَ الدَّفْنِ كالحاجةِ إليها قَبْلَه.

فصل: ويُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ جَمِيعِ أهْلِ المُصِيبَةِ، كِبارِهم وصِغارِهم، ويَخُصُّ خِيارَهم، والمَنْظُورَ إليه مِن بينهم؛ لِيَسْتَنَّ به غيرُه، وذَا الضَّعْفِ منهم عن تَحَمُّلِ المُصِيبَةِ، لِحاجَتِه إليها، ولا يُعَزِّى الرَّجُلُ الأجْنَبِىُّ شَوَابَّ النِّساء؛ مَخَافَةَ الفِتْنَةِ.

فصل: ولا نعلمُ في التَّعْزِيَةِ شيئًا مَحْدُودًا، إلَّا أنَّه يُرْوَى أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَزَّى رَجُلًا، فقال: "رَحِمَكَ اللهُ وآجَرَكَ". رَوَاهُ الإِمامُ أحمدُ (٤). وعَزَّى أحمدُ أبا طَالِبٍ، فوَقَفَ على بابِ المسجدِ فقال: أعْظَمَ اللهُ أَجْرَكم، وأحْسَنَ عَزَاءَكُم.


(١) في: باب ما جاء في أجر من عزى مصابا، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى ٤/ ٢٩٤. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في ثواب من عزى مصابا، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١/ ٥١١.
(٢) في: باب ما جاء في ثواب من عزى مصابا، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١/ ٥١١.
(٣) في: باب آخَر في فضل التعزية، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى ٤/ ٢٩٦.
(٤) لم يروه الإِمام أحمد في المسند، انظر: الفتح الربانى ٨/ ٩١.
والحديث أخرجه البيهقي مرسلا، في: باب ما يقول في التعزية من الترحم على الميت والدعاء له ولمن خلف، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى ٤/ ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>