للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرُّجوعُ عليه؛ لأنَّه غَرَّه، فرجعَ عليه، كما لو غرَّه فزوَّجه مَعِيبَةً، وإن علمَ أَنَّ إبْراءَ الأبِ لا يَصح، لم يَرجِعْ بشىءٍ، ويَقعُ الطَّلاقُ رَجْعِيًّا؛ لأنَّه خَلا عن العِوَضِ. وفى الموضعِ الذى يَرجعُ عليه، يَقعُ الطَّلاقُ بائنًا؛ لأنَّه بعِوَضٍ. فإن قال الزَّوجُ: هى طالقٌ إن أبْرَأْتَنِى مِن صَداقِها. فقال: قد أبْرَأْتُك. لم يَقعِ الطَّلاقُ؛ لأنَّه لا يَبْرَأُ. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّ الطَّلاقَ واقعٌ. فيَحْتمِلُ أنَّه أوْقعَه إذا قَصَد الزَّوجُ تَعْليقَ الطَّلاقِ على مُجرَّدِ التَّلفُّظِ بالإِبْراءِ، دونَ حقيقةِ البراءةِ. وإن قال الزَّوجُ: هى طالقٌ إن بَرئْتُ من صَداقِها. لم يَقَعْ؛ لأنَّه علَّقَه على شَرْطِ لم (١١) يُوجدْ. وإن قال الأبُ: طلِّقْها على ألفٍ مِن مالِها، وعَلىَّ الدَّرَكُ. فطلَّقَها، طَلُقَتْ بائنًا؛ لأنَّه بعِوَضٍ، وهو ما لَزِمَ الأبَ مِن ضَمانِ الدَّرَكِ، ولا يَمْلِكُ الألفَ؛ لأنَّه ليس له بَذْلُها.

فصل: وإن قال لامرأتَيْه: أنتُما طالقتانِ بألفٍ إن شئتُما. [فقالَتا: قد شِئْنا] (١٢). وقعَ الطَّلاقُ بهما بائنًا، ولزِمَهما العِوَضُ بينهما على قَدْرِ مَهْرَيْهِما. وإن شاءتْ إحْداهما دُون الأُخْرَى، لم تَطْلُقْ واحدةٌ منهما؛ لأنَّه جعلَ مَشِيئَتَهما (١٣) صفةً فى طَلاقِ كلِّ واحدةٍ منهما. ويُخالِفُ هذا ما لو قال: أنتُما طالقتانِ بألفٍ. فقَبِلَتْ إحداهما دُونَ الأُخْرَى، لَزِمَها (١٤) الطَّلاقُ بعِوَضِه؛ لأنَّه لم يَجعلْ لطلاقِها (١٥) شَرْطًا، وههُنا علَّقَ طلاقَ كلِّ واحدةٍ منهما بمَشيئتِهما جميعًا، فيَتعلَّقُ الحُكمُ بقولِهما: قد شئنا. لفظًا؛ لأنَّ (١٦) ما فى القلبِ لا سبيلَ إلى مَعْرفتِه، فلو قال الزَّوجُ: ما شِئْتُما وإنَّما قُلْتُما ذلك بألْسِنتِكما. أو قالتا: ما شِئْنا بقُلوبِنا. لم يُقْبَلْ. فإذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ العِوَضَ يَتَقَسَّطُ عليهما على قَدْرِ


(١١) فى أ، ب، م: "ولم".
(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) فى ب، م: "ما شئتما".
(١٤) فى ب، م: "لزمه".
(١٥) فى ب، م: "فى طلاقها".
(١٦) فى الأصل، ب، م: "لأنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>