للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه. وإِنْ حُمِلَ بأَمرِه، فأُدْخِلَها، حَنِثَ؛ لأَنَّه دَخَلَ مُخْتارًا، فأشْبَهَ ما لو دَخَلَ راكِبًا. وإِنْ حُمِلَ بغيرِ أمْرِه، لكنَّه (٢) أمْكَنَه الامْتِناعُ فلم يَمْتَنِعْ، حَنِثَ أيضًا؛ لأنَّه دَخَلَها غيرَ مُكْرَه، فأشْبَهَ ما لو حُمِلَ بأمْرِه. وقال أبو الخَطَّاب: فى الحِنْثِ وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه لم يَفْعَلِ الدُّخُولَ، ولم يَأْمُرْ به، فأشْبَهَ ما لو لم يُمْكِنْه الامْتِناعُ. ومتى دَخَلَ باخْتِيارِه، حَنِثَ، سواءٌ كان ماشِيًا، أوراكِبًا، أو مَحْمُولًا، أو أَلْقَى نَفْسَه فى ماء فَجَرَّه إليها، أو سَبَحَ فيه فَدَخَلَها، [سواءٌ دخَل] (٣) من بابِها، أو تَسَوَّرَ حائِطَها، أو دَخَلَ من طاقَةٍ فيها، أو نَقَبَ حائِطَها (٤)، ودَخَلَ من ظَهْرِها، أو غيرَ ذلك.

فصل: وإِنْ أُكْرِه بالضَّرْب ونَحْوِه على دُخُولِها، فدَخَلَها، لم يَحْنَثْ، فى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وهو أحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِىِّ. وفى الآخَرِ يَحْنَثُ. وهو قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ، ونحوُه عن (٥) النَّخَعِىِّ. لأنَّه [دخلَها و] (٣) فَعَلَ ما حَلَفَ على تَرْكِه (٦). ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عُفِىَ لأُمَّتِى عَنِ الخَفَأِ، والنِّسْيانِ، وما اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" (٧). ولأنَّه دَخَلَها مُكْرَهًا، فأشْبَهَ ما لو حُمِلَ مُكْرَها.

فصل: وإِنْ رَقَى فوقَ سَطْحِها، حَنِثَ. وبهذا قال مالِكٌ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال الشافِعِىُّ: لا يَحْنَثُ. ولأصْحابِه فيما إذا كان السَّطْحُ مُحَجَّرًا وَجْهان، واحْتَجُّوا بأنَّ السَّطْحَ يَقيها الحَرَّ والْبَرْدَ، ويُحْرِزُها، فهو كحِيطَانِها. ولَنا، أَنَّ سَطْحَ الدّارِ منها، وحُكْمُه حُكْمُها سواءً، فحَنِثَ بدُخولِه، كالمُحَجَّرِ، أو كما لو دَخَلَ بين حِيطانِها، ودليلُ ذلك، أَنَّه يَصِحُّ الاعْتِكافُ فى سَطْحِ المَسْجِدِ، [وإنَّما يصِحُّ الاعْتكافُ فى المَسْجدِ] (٣)، ويُمْنَعُ الجُنُبُ من (٨) اللُّبْثِ فيه، ولو حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ من


(٢) فى م: "ولكنه".
(٣) سقط من: م.
(٤) فى م: "حائطا".
(٥) فى م: "قول".
(٦) فى م زيادة: "ودخلها".
(٧) تقدم تخريجه، فى: ١/ ١٤٦.
(٨) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>