للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: والصَّوْمُ المَشْرُوعُ هو الإِمْسَاكُ عن المُفْطِرَاتِ، من طُلُوعِ الفَجْرِ الثانِى إلى غُرُوبِ الشَّمْسِ. رُوِىَ مَعْنَى ذلك عن عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وبه قال عَطاءٌ، وعَوَامُّ أهْلِ العِلْمِ. وَرُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه لما صَلَّى الفَجْرَ قال: الآنَ حين تَبَيَّنَ الخَيْطُ الأبْيَضُ من الخَيْطِ الأَسْوَدِ. وعن ابنِ مسعودٍ نَحْوُه. وقال مَسْرُوقٌ: لم يَكُونُوا يَعُدُّونَ الفَجْرَ فَجْرَكُمْ، إنَّما كانوا يَعُدُّونَ الفَجْرَ الذى يَمْلَأُ البُيُوتَ والطُّرُقَ. وهذا قَوْلُ الأعْمَشِ. ولَنا، قَوْلُ اللهِ تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (١٢). يعنى بَياضَ النَّهارِ من سَوَادِ اللَّيْلِ. وهذا يَحْصُلُ بِطُلُوعِ الفَجْرِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ، في قولِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ" (١٣). دَلِيلٌ على أن الخَيْطَ الأبْيَضَ هو الصَّبَاحُ، وأنَّ السُّحُورَ لا يكُونُ إلَّا قبلَ الفَجْرِ. وهذا إجْمَاعٌ لم يُخَالِفْ فيه إلَّا الأعْمَشُ وَحْدَهُ، فشَذَّ ولم يُعَرِّجْ أحَدٌ على قَوْلِه. والنَّهَارُ الذى يَجِبُ صِيامُهُ من طُلُوعِ الفَجْرِ إلى غُرُوبِ الشَّمْسِ. قال: هذا قولُ جَماعَةِ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ.

٤٨٣ - مسألة؛ قال أبو القاسِمِ، رَحِمَهُ اللهُ: (وَإِذَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ تِسْعَةٌ وعِشْرُونَ يَوْمًا، طَلَبُوا الْهِلَالَ، فَإنْ كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لَمْ يَصُومُوا ذلِك الْيَوْمَ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّه يُسْتَحَبُّ لِلنَّاسِ تَرَائِى الهِلالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِن شعبانَ، وتَطَلُّبُه لِيَحْتَاطُوا بذلك لِصِيَامِهم، ويَسْلَمُوا من الاخْتِلافِ. وقد رَوَى التِّرْمِذِيُّ (١)، عن أبى هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "أحْصُوا هِلَالَ شَعْبَانَ


(١٢) سورة البقرة ١٨٧.
(١٣) تقدم في ٢/ ٦٣.
(١) في: باب ما جاء في إحصاء هلال شعبان لرمضان، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى ٣/ ٢٠٣. كما أخرجه الحاكم، في: المستدرك ١/ ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>