للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَرَضٌ، نحو أن يكونَ الثمَنُ ممَّا يُسْتَضَرُّ بحِفْظِه في الحال، أو يُخَافُ عليه من التَّلَفِ أو المُتَغَلِّبِين، أو يَتَغَيَّرُ عن حالِه إلى وَقْتِ الحُلُولِ، فهو كمَنْ لم يُؤْذَنْ له؛ لأنَّ حُكْمَ الحُلُولِ (١٩) لا يَتَنَاوَلُ المَسْكُوتَ عنه إلَّا إذا عُلِمَ أنه في المَصْلَحَةِ، كالمَنْطُوقِ أو أَكْثَرَ، فيكون الحُكْمُ فيه ثابِتًا بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ أو المُمَاثَلَةِ، ومتى كان في المَنْطُوقِ به غَرَضٌ مُخْتَصٌّ به لم يَجُزْ تَفْوِيتُه، ولا ثُبُوتُ الحُكْمِ في غيرِه. وقد ذَكَرَ القاضي نحوَ هذا في مَوْضِعٍ آخَرَ.

فصل: وإن وَكَّلَهُ في الشِّرَاءِ بِثَمَنٍ نَقْدًا، فاشْتَراهُ نَسِيئَةً بأَكْثَرَ من ثَمَنِ النَّقْدِ، لم يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ. وإن اشْتَرَاهُ نَسِيئَةً بِثَمَنِه نَقْدًا، أو بما عَيَّنَهُ له، فهى كالتى قَبْلَها. ويَصِحُّ لِلْمُوَكِّلِ في قول القاضي. وعلى ما ذَكَرْنَا يُنْظَرُ في ذلك؛ فإن كان فيه ضَرَرٌ، نحو أن يَسْتَضِرَّ بِبَقَاءِ الثمَنِ معه ونحو ذلك، لم يَجُزْ، كقَوْلِنَا في التي قَبْلَها. ولأصحابِ الشَّافِعِىّ في صِحَّةِ الشِّرَاءِ وَجْهانِ.

فصل: وليس له أن يَبِيعَ بدُونِ ثَمَنِ المِثْلِ، أو دون ما قَدَّرَهُ له، ولا يَشْتَرِىَ بأَكْثَرَ من ثَمَنِ المِثْلِ، أو أكْثَرَ ممَّا قَدَّرَ له. وبهذا قال الشّافِعِىُّ، وأبو يوسف، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: إذا أَطْلَقَ الوَكَالةَ في البَيْعِ، فله البَيْعُ بأيِّ ثَمَنٍ كان؛ لأنَّ لَفْظَه في الإِذْنِ مُطْلَقٌ، فيَجِبُ حَمْلُه على إطْلَاقِه. ولَنا، أَنَّه تَوْكِيلٌ مُطْلَقٌ في عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فاقْتَضَى ثَمَنَ المِثْلِ، كالشِّرَاءِ، فإِنَّه وافَقَ عليه، وما ذَكَرَهُ (٢٠) يَنْتَقِضُ بالشِّرَاءِ. فإن باعَ بأقَلَّ من ثَمَنِ المِثْلِ، أو اشْتَرَى بأَكْثَرَ منه ممَّا لا يَتَغَابَنُ الناسُ بمثلِه، أو باعَ بدُونِ ما قَدَّرَ (٢١) له، أو اشْتَرَى بأَكْثَرَ منه، فحُكْمُه حُكْمُ مَن لم يُؤْذَنْ له في البَيْعِ والشِّرَاءِ. وهذا قولُ الشّافِعِىِّ. وعن أحمدَ أنَّ البَيْعَ جائِزٌ دون الشِّرَاءِ، ويَضْمَنُ الوَكِيلُ النَّقْصَ؛ لأنَّ مَن صَحَّ بَيْعُه بِثَمَنِ المِثْلِ، صَحَّ بدُونِه، كالمَرِيضِ. فعلَى هذه الرِّوَايَةِ يكونُ البَيْعُ صَحِيحًا،


(١٩) في أ، ب: "الإذن".
(٢٠) في ب: "ذكروه" خطأ.
(٢١) في أ، ب، م: "قدره".

<<  <  ج: ص:  >  >>