للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَبِيعِ. وخَرَّجَهُ القاضِى على رِوَايَتَيْنِ، بنَاءً على البَيْعِ، فعلى قولِه: لا يَمْلِكُ الرَّدَّ. لا يَمْلِكُ الفَسْخَ. والصَّحِيحُ ما ذَكَرْنَاهُ. وإن هَلَكَ الرَّهْنُ فى يَدِ المُرْتَهِنِ، ثمَّ عَلِمَ أنَّه كان مَعِيبًا، لم يَمْلِكْ فَسْخَ البَيْعِ، لأنَّه قد (٦) تَعَذَّرَ عليه رَدُّه. فإن قيلَ: فالرَّهْنُ غيرُ مَضْمُونٍ، ولهذا لا يُمْنَعُ (٧) رَدُّه بِحُدُوثِ العَيْبِ فيه. قُلْنا: إنَّما لا (٨) تُضْمَنُ قِيمَتُه، لأنَّ العَقْدَ لم يَقَعْ على مِلْكِه، وإنَّما وَقَعَ على الوَثِيقَةِ، فهو مَضْمُونٌ بالوَثِيقَةِ، أمَّا إذا تَعَيَّبَ فقد رَدَّه، فَيَسْتَحِقُّ بَدَلَ ما رَدَّه، وهاهُنا لم يَرُدَّ شيئًا، فلو أَوْجَبْنَا له بَدَلَه، لأَوْجَبْنَا على الرَّاهِنِ غيرَ ما شَرَطَ (٩) على نَفْسِه.

فصل: ولو لم يَشْتَرِطَا رَهْنًا فى البَيْعِ، فتَطَوَّعَ المُشْتَرِى بِرَهْنٍ، وقَبَضَهُ البائِعُ، كان حُكمُه حُكْمَ الرَّهْنِ المَشْرُوطِ فى البَيْعِ، ولا يَنْفَكُّ شىءٌ مِنه حتَّى يَقْضِىَ جَمِيعَ الدَّيْنِ، ولا يَمْلِكُ الرَّاهِنُ انْتِزَاعَه، ولا التَّصَرُّفَ فيه، إلَّا بإذْنِ المُرْتَهِنِ، إلَّا أنَّه إذا رَدَّهُ بِعَيْبٍ أو غيرِه، لم يَمْلِكْ فَسْخَ البَيْعِ.

فصل: وإذا تَبَايَعَا بِشَرْطِ أن يكونَ المَبِيعُ رَهْنًا (١٠) على ثَمَنِه، لم يَصِحَّ. قالَه ابنُ حَامِدٍ. وهو قولُ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّ المَبِيعَ حين شَرَطَ رَهْنَه لم يكُنْ مِلْكًا له، وسواءٌ شَرَطَ أنَّه يَقْبِضُه ثمَّ يَرْهَنُه، أو شَرَطَ رَهْنَه قبلَ قَبْضِه. وَرُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه قال: إذا حَبَسَ المَبِيعَ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ، فهو غاصِبٌ، ولا يكون رَهْنًا إلَّا أن يكونَ شَرْطًا عليه فى نَفْسِ البَيْعِ. وهذا يَدُلُّ على صِحَّةِ الشَّرْطِ، لأَنَّه يجوزُ بَيْعُه، فجَازَ رَهْنُه. وقال القاضى: معنى هذه الرِّوَايَةِ، أنَّه شَرَطَ (١١) عليه فى نَفْسِ البَيْعِ رَهْنًا غيرَ المَبِيعِ، فيكونُ له حَبْسُ المَبِيعِ حتَّى يَقْبِضَ الرَّهْنَ، وإن لم يَفِ به (١٢) فُسِخَ


(٦) سقط من: م.
(٧) فى أ، م: "يمتنع".
(٨) سقط من: أ، م.
(٩) فى م: "شرطه".
(١٠) فى أ: "مرهونا".
(١١) فى الأصل: "شرطه".
(١٢) فى الأصل زيادة: "وإلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>