للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك. فإنْ قيل: يَنْتَقِضُ دَلِيلُكم بما إذا شَرَعَ المُتَمَتِّعُ فى صَوْمِ الثلاثَةِ. قُلْنا: إذا قَدَرَ على الهَدْىِ [فى صومِ الثَّلاثَةِ، تَبَيَّنَّا أنَّه ليس بعادِمٍ له فى وَقْتِه؛ لأنَّ وَقْتَ الهَدْىِ] (٥) يومُ النَّحْرِ، بخِلافِ مَسْأَلَتِنا.

الفصلُ الثانى: أنَّه إِنْ أحَبَّ الانتقالَ إلى الأَعْلَى، فله ذلك، فى قولِ أَكثَرِهم، ولا نَعْلَمُ فيه (٦) خِلافًا. إِلَّا فى العَبْدِ إذا حَنِثَ ثم عَتَقَ. وقال أبو الخَطَّاب: لا يجوزُ الانْتِقالُ فى مَسْألَتِنا. مُحْتَجًّا بقولِ الْخِرَقِىِّ: إذا حَنِثَ وهو عَبْدٌ، فلم يكفِّرْ حتى عَتَقَ. قال: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ؛ لقَوْلِه فى العَبْدِ: إنَّما يُكَفِّرُ ما وَجَبَ عليه. ولَنا، أَنَّ العِتْقَ والإِطْعامَ الأَصْلُ، فأَجْزَأَه التَّكْفِيرُ به، كما لو تَكَلَّفَ الفقيرُ فاسْتَدانَ وأَعْتَقَ. فأمَّا العَبْدُ إذا عَتَقَ، فَيَحْتَمِلُ أن (٧) يجوزَ له الانْتِقالُ كَمَسْأَلَتِنا، ويُحْمَلُ كلامُ أحمد على أنَّه لا يَلْزَمُه الانْتِقالُ، ويَحْتَمِلُ أن (٧) يُفَرَّقَ بينَه وبينَ الحُرِّ، من حيثُ إِنَّ الحُرَّ كان يُجْزِئُه التَّكْفِيرُ بالمالِ لو تكَلَّفَه، والعَبْدَ لم يكُنْ يُجْزِئُه إِلَّا الصِّيامُ، على رِوَايَةٍ.

فصل: ولو وَجَبَت الكَفَّارَةُ على مُوسِرٍ فأَعْسَرَ، لم يُجْزِئْه الصِّيامُ. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقال أبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: يُجْزِئُه؛ لأنَّه عاجِزٌ عن المُبْدَلِ، فجازَ له العُدولُ إلى البَدَلِ، كما لو وَجَبَت عليه الصَّلاةُ ومعه ماءٌ فانْدَفَقَ قبلَ الوُضُوءِ به. ولَنا، أَنَّ الإِطْعامَ وجَبَ عليه فى الكَفَّارَةِ، فلم يَسْقُطْ بالعَجْزِ عنه، كالإِطْعام فى كَفّارَةِ الظِّهارِ، وفارقَ الوضوءَ؛ لأنَّ الصَّلاةَ واجِبَةٌ، ولابُدَّ من أدائِها، فاحْتِيجَ إلى الطَّهارَةِ لها فى وَقْتِها، بخلافِ الكَفَّارَةِ.

فصل: والكَفَّارَةُ فى حَقِّ العَبْدِ والحُرِّ، والرَّجُلِ والمَرْأَةِ، والمسلمِ والكافِرِ، سَواءٌ؛ لأنَّ اللَّه تعالَى ذَكَرَ الكَفّارَةَ بلَفْظٍ عامٍّ فى جميعِ المُخاطَبِين، فيدْخُلُ (٨) الكُلُّ فى عُمومِه إِلَّا


(٥) سقط من: ب. نقل نظر.
(٦) سقط من: م.
(٧) فى م: "أنه".
(٨) فى م: "فدخل".

<<  <  ج: ص:  >  >>