للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإِنْ جَنَى بعضُهم، فجِنايَتُه عليه دُونَ صاحِبِه. وبهذا قال الشافِعِىُّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وقال مالِكٌ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: يُودُّون كُلُّهم أرْشَه، فإنْ عَجَزُوا رقُّوا. ولَنا، قَوْلُ اللَّهِ تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٣٩). وقولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَجْنِى جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ" (٤٠). ولأنَّه لو اشْتَرَك رَجُلان، وتعاقَدَا، لم يَحْمِلْ أحَدُهما [عن الآخَرِ] (٤١) جِنايَةَ صاحِبِه، فكذا ههنا؛ لأنَّ (٤٢) ما لا يَصِحُّ، لا يَتَضَمَّنه عَقْدُ الكِتابةِ، ولا يَجِبُ على أحَدِهما بفِعْلِ الآخَرِ، كالقِصاصِ، وقد بَيَّنَّا أَنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما مُكاتَبٌ بحِصَّتِه، فهو كالمُنْفَرِدِ بعَقدِه.

٢٠١٠ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا شَرَطَ فِى كتَابَتِهِ أَنْ يُوالِىَ مَنْ شَاءَ، فَالْوَلَاءُ لِمَنْ أعْتَقَ، والشَّرْطُ بَاطِلٌ)

أمَّا الشَّرْطُ فباطِلٌ. لا نَعْلَمُ فى بُطْلانِه خِلافًا؛ وذلك لما رَوَتْ عائشةُ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، قالت: كانتْ فى بَرِيرَةَ ثلاثُ قَضِيَّاتٍ، أرادَ أهْلُها أَنْ يَبِيعُوها ويَشْتَرِطُوا الولاءَ، فذَكَرْتُ ذلك للنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "اشْتَرِيهَا، واعتقِيهَا، فَإنَّمَا الْوَلَاء لِمَنْ أَعْتَقَ. مُتَفَقٌ عليه (١). وفى الحَدِيثِ الآخَرِ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اشْتَرِيهَا، وَاشْتَرِطِى لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أعْتَقَ". فقامَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى النَّاسِ، فحَمِدَ اللَّه، وأَثْنَى عليه، ثم قال: "أمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ نَاسٍ (٢) يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللَّه! مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أحَقُّ، وشَرْطُ اللَّهِ (٣) أوْثَقُ، فَإنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أعْتَقَ". مُتَفَقٌ عليه (١). ولأنَّ الوَلاءَ لا يَصِحُّ نَقْلُه،


(٣٩) سورة الأنعام ١٦٤.
(٤٠) تقدم تخريجه، فى: صفحة ٥١٥.
(٤١) سقط من: أ، ب، م.
(٤٢) فى، ب: "ولأن".
(١) حديث بريرة تقدم تخريجه، فى: ٦/ ٣٢٦، ٨/ ٣٥٩، ٣٦٠.
(٢) فى ب: "أناس".
(٣) فى أ، ب: "وشروطه".

<<  <  ج: ص:  >  >>