للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحوِها- إذا طلَبا مِن الحاكمِ أنْ يَقسِمَه (١١) بينهما، أجابَهما إليه، وإنْ لم يثبُتْ عندَه (١٢) مِلْكُهما. وبهذا قال أبو يوسفَ ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان عَقارًا نَسَبُوه إلى ميراثٍ، لم يَقْسِمْه حتى يثْبُتَ الموتُ والوَرَثةُ؛ لأنَّ الميراثَ باقٍ على حُكْمِ مِلْكِ الميِّتِ، فلا يَقْسِمُه (١١) احْتياطًا للميِّتِ، [وأمَّا ما عدا العَقارَ يقْسِمُه] (١٣)، وإن كانَ ميراثًا، لأنَّه يَبُورُ ويهْلِكُ، وقِسْمَتُه تحْفَظُه، وكذلك العَقارُ الذى لا يُنْسَبُ إلى الميراثِ. وظاهرُ قولِ الشَّافعىِّ، أنَّه لا يُقْسَمُ، عَقارًا كان أو غيرَه، ما لم يثْبُتْ ملْكُهما؛ لأنَّ قَسْمَه بقولِهم لو رُفعَ بعدَ ذلك إلى حاكمٍ آخَرَ يَسْتسْهلُه (١٤) أن يجعلَه حُكْمًا لهم، ولعلَّه يكونُ لغيرِهم. ولَنا، أنَّ اليدَ تدُلُّ على المِلْكِ، ولا مُنازِعَ لهمْ، فيَثْبُتُ لهم من طريقِ الظَّاهرِ، ولهذا يجوزُ لهم التَّصرُّفُ، ويجوزُ شراؤُه منهم، واتِّهابُه (١٥)، واسْتئجارُه. وما ذكرَه الشافعيُّ ينْدَفِعُ إذا أثْبَتَ (١٦) في القَضِيَّةِ أنِّى قَسَمْتُه بينهم بإقْرارِهم، لا عن بَيِّنَةٍ شَهِدتْ لهم بمِلْكِهم، وكلُّ ذى حُجَّةٍ على حُجَّتِه. وما ذكرَه أبو حنيفةَ لا يصِحُّ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ مِلْكُهم، ولاحَقَّ للمَيِّتِ فيه، إلَّا أن يظْهَرَ عليه دَيْنٌ، وما ظَهَرَ، والأصلُ عَدَمُه، ولهذا اكْتفَيْنا به في غيرِ العَقارِ، وفيما لم يَنْسِبُوه إلى الميراثِ.

فصل: وتجوزُ قِسْمَةُ المَكيلاتِ والمَوْزوناتِ، من المَطْعوماتِ وغيرِها؛ لأنَّ جَوازَ قِسْمةِ الأرضِ مع اخْتلافِها، يَدُلُّ على جَوازِ قِسْمَةِ ما لا يَختلفُ بطريقِ التَّنْبيهِ (١٧). وسواءٌ في ذلك الحُبوبُ، والثِّمارُ، والنَّوْرَةُ، والأُشْنانُ، والحديدُ، والرَّصاصُ، ونحوُها (١٨) من الجَامداتِ، والعصيرُ، والخَلُّ، واللَّبَنُ، والعسلُ، والسَّمْنُ، والدِّبْسُ، والزَّيتُ،


(١١) في الأصل: "يقسم".
(١٢) في النسخ: "عنه".
(١٣) في ب: "وما عدا العقار قسمه".
(١٤) في الأصل: "سننها ". وفي ب: "سنها". وفي الشرح الكبير ٦/ ٢١٧: "سهل".
(١٥) في الأصل، أ: "وإيهابه".
(١٦) في الأصل، أ: "ثبت".
(١٧) في الأصل، أ: " البينة".
(١٨) في الأصل، ب: "ونحوهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>