للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَصِحَّ. ولَنا، ما روَى أنَسٌ، أَنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعْتَقَ صَفِيّةَ، وجَعَلَ عِتْقهَا صَدَاقَها. متفقٌ عليه (١٠). وفى لفظ: أعْتَقَها وتَزَوَّجَها. فقلتُ يا أبا حَمْزَةَ، ما أصْدَقَها؟ قال: نَفْسَها (١١). ورَوَى الأثْرَمُ، بإسْناده عن صَفِيَّةَ. قالت: أعْتَقَنِى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وجَعَلَ عِتْقِى صَدَاقِى (١٢). وبإسْنادِه عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه كان يقولُ: إِذَا أعْتَقَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِه، فجعل عِتْقَها صَدَاقَها، فلا بَأْسَ بذلك. ومتى ثَبَتَ العِتْقُ صَدَاقًا، ثَبَتَ النِّكاحُ؛ لأنَّ الصَّداقَ لا يتقَدَّمُ النِّكاح، ولو تأخَّرَ العِتْقُ عن النِّكاحِ لم يَجُزْ، فدَلَّ على أنَّه انْعَقَدَ (١٣) بهذا اللَّفْظِ، ولأنَّه لم يُنْقَلْ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه اسْتَأْنَفَ عَقْدًا، ولو اسْتَأْنَفه لظَهَر، ونُقِلَ كما نُقِلَ غيرُه، ولأنَّ مَنْ جاز له تَزْوِيجُ امْرأةٍ لغيرِه من غيرِ قَرابةٍ، جاز له أن يتَزَوَّجَها، كالإِمامِ. وقولُهم: لم يُوجَدْ إيجابٌ ولا قَبُولٌ. عَدِيمُ الأَثَرِ (١٤)؛ فإنَّه لو وُجِدَ لم يَحْكُموا بصِحَّتِه، وعلى أنَّه إن لم يُوجَدْ فقد وُجِدَ ما يَدُلُّ عليه، وهو جَعْلُ العِتْقِ صَداقًا، فأشْبَهَ ما لو تزَوَّجَ امرأةً هو وَلِيُّها، وكما لو قال الخاطِبُ للوَلِىِّ: أزَوَّجْتَ؟ فقال: نعم. وقال للزَّوْجِ: أقَبِلْتَ؟ فقال: نعم. عندَ أصْحابِنا، وكما لو أتى بالكِنَاياتِ عندَ أبى حنيفةَ ومَنْ وافَقَه.

الفصل الثانى: أَنَّ النِّكاحَ يَنْعَقِدُ بقوله: أعْتَقْتُكِ، وجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَداقَكِ وتَزَوَّجْتُكِ. وبذلك خالِيًا عن قوله: وتَزَوَّجْتُكِ. وهذا لفظُ الْخِرَقِىِّ، وهو الذى جاء فى حديثِ أنسٍ. وبقولِه: جَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ. أو جعلتُ (١٥) صَداقَكِ عِتْقَكِ.


(١٠) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٤٨.
(١١) فى أ، ب، م زيادة: "عتقها".
* وتقدم تخريجه فى صفحة ٣٤٨.
(١٢) وأخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب فى رجل يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها. . .، من كتاب النكاح. المصنف ٤/ ١٥٦.
(١٣) فى م: "العقد".
(١٤) فى م: "التأثير".
(١٥) فى م: "وجعلت".

<<  <  ج: ص:  >  >>