للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويجوزُ أن يُوصِىَ إلى رجلٍ بشيءٍ دُونَ شيءٍ، مثلُ أن يُوصِىَ إلى إنسانٍ بتَفْرِيقِ وَصيَّتِه دونَ غيرِها، أو بقضاءِ دُيونِه، أو بالنَّظَرِ في أمرِ أطفالِه حسبُ، فلا يكونُ له غيرُ ما جعلَ إليه. ويجوزُ أن يُوصِىَ إلى إنسانٍ بتَفْرِيقِ وَصِيَّتِه، وإلى آخَرَ بقَضاءِ دُيونِه، وإلى آخَرَ بالنَّظرِ في أمرِ أطْفالِه، فيكونُ لكلِّ واحدٍ (٢) منهم ما جَعلَ إليه دون غيرِه. ومتى أوْصَى إليه بشيءٍ، لم يصِرْ وَصِيًّا في غيرِه. وبهذا قالَ الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَصِيرُ وَصِيًّا في كلِّ ما يَمْلِكُه الوَصِىُّ؛ لأنَّ هذه ولايةٌ تَنْتَقِلُ من الأبِ بمَوْتِه، فلا تتَبعَّضُ، كولايةِ الجَدِّ. ولنا، أنَّه استفادَ التَّصرُّفَ بالإِذنِ من جهةِ الآدمىِّ، فكانَ مَقصورًا على ما أُذِنَ فيه، كالوكيلِ، وولايةُ الجدِّ ممنوعةٌ. ثم تلك ولايةٌ اسْتفادَها بقَرابتِه، وهى لا تتبعَّضُ، والإِذنُ يتبعَّضُ، فافْتَرقا.

فصل: ويجوزُ أن يُوصِىَ إلى رجلين معًا في شيءٍ واحدٍ، ويَجْعَلَ لكلِّ واحدٍ منهما التَّصرفَ مُنْفَردًا، فيقولَ: أوْصَيْتُ إلى كلِّ واحدٍ منكما (٣) أن يَنفردَ بالتَّصَرُّفِ. لأنَّه جعلَ كلَّ واحدٍ منهما (٤) وَصِيًّا مُنْفَرِدًا، وهذا يَقتضى تَصَرُّفَه على الانْفِرادِ. وله أن يُوصِىَ إليهما ليتصَرَّفا (٥) مُجْتَمِعَيْن، وليس لواحدٍ منهما الانْفِرادُ بالتَّصرُّفِ؛ لأنَّه لم يَجعلْ ذلك إليه، ولم يَرْضَ بنَظَرِه وحدَه. وهاتان الصُّورَتانِ لا أعلمُ فيهما خِلافًا. وإن أطلقَ، فقال: أوْصَيْتُ إليكما في كذا. فليس لأحَدِهما الانفرادُ بالتَّصَرُّفِ. وبه قالَ مالكٌ، والشَّافعىُّ. وقال أبو يوسفَ: له ذلك؛ لأنَّ الوصيَّةَ والولايةَ لا تتبعَّضُ، فملَك كلُّ واحدٍ منهما الانْفِرادَ بها كالأَخَوَيْنِ (٦) في تَزْوِيجِ أُخْتِهما. وقال أبو حنيفةَ، ومحمدٌ: يُسْتَحْسَنُ على خِلَافِ القياسِ، فيُبِيحُ أن يَنْفرِدَ كلُّ واحدٍ منهما بسبعةِ أشياءَ: كَفَنِ الميِّتِ، وقَضاءِ دَينِه، وإنْفاذِ وَصِيَّتِه، ورَدِّ الوَديعةِ بعَيْنِها، وشراءِ


(٢) سقط من: م.
(٣) في أ: "منهما".
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) سقط من: أ.
(٦) في م: "كالآخرين".

<<  <  ج: ص:  >  >>