للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّيْدَ بحديدَةٍ على الوَجْهِ المُعْتادِ، فأشْبَهَ ما لو رَماه بها، ولأَنَّه قَصَدَ قَتْلَ الصَّيْدِ بِمالَهُ حَدٌّ جَرَت العادَةُ بالصَّيْدِ به، أشْبَهَ ما ذَكَرْنا، والسَّبَبَ جَرَى مَجْرَى المُباشَرَةِ فى الضَّمانِ، فكذلك فى إباحَةِ الصَّيْدِ، وفارَقَ ما إذا نَصَب سِكِّينًا؛ فإنَّ العادَةَ لم تَجْرِ بالصَّيْدِ بها، وإذا رَمَى سهْمًا، ولم يرَ صَيْدًا، فليس ذلِك بمُعْتادٍ، والظَّاهِرُ أنَّه لا يُصيبُ صَيْدًا، فلم يَصِحَّ قَصْدُه، وهذا بخلافِه.

فصل: فأمَّا ما قَتَلَتْه الشَّبَكَةُ أو الحَبْلُ (٥)، فهو مُحَرَّمٌ. لا نعلَمُ فيه خلافًا، إلَّا عن الحَسَنِ، أَنَّه يُباحُ ما قَتَله الحَبْلُ إذا سَمَّى، فدخَلَ فيه وجَرَحَه. وهذا قولٌ شاذٌّ، يُخالِفُ عَوامَّ أهلِ العلمِ، ولأنَّه قَتَلَه (٦) بما ليس، له حَدٌّ، أشْبَهَ ما لو قَتَلَه بالبُنْدُقِ.

١٧١٤ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا صَادَ بالْمِعْرَاضِ، أَكَلَ مَا قَتَلَ بِحَدِّه، ولَمْ (١) يَأْكُلْ ما قَتَلَ بِعَرْضِهِ)

المِعْرَاضُ: عودٌ مُحَدَّدٌ (٢)، ورُبَّما جُعِلَ فى رأْسِه حديدَةٌ. قال أحمدُ: المِعْراضُ يُشْبِهُ السَّهْمَ، يُحْذَفُ به الصَّيْدُ، فربَّما أصابَ الصَّيْدَ بحَدِّه، فخَرَقَ وقَتَلَ، فيُباحُ، وربَّما أصابَ بعَرْضِه، فقَتَلَ بثُقْلِه، فيكونُ مَوْقُوذًا، فلا يُباح. وهذا قولُ علىٍّ وسَلْمانَ (٣)، وعَمَّارٍ، وابنِ عبَّاسٍ. وبه قال النَّخَعِىُّ، والحَكَمُ، ومالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافِعِىُّ، وأبو حَنِيفَةَ، وإسحاق، وأبو ثَوْرٍ. وقال الأوْزَاعِىُّ، وأهلُ الشام: يُباحُ ما قَتَلَه بحَدِّه وعَرْضِه. وقال ابنُ عمرَ: ما رُمِىَ من الصَّيْدِ بجُلاهِقٍ أو مِعْراضٍ، فهو من الْمَوْقُوذَةِ. وبه قال الحسنُ. ولَنا، ما رَوَى عَدِىُّ بنُ حاتمٍ، قال: سُئِلَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صَيْدِ المِعْرَاضِ، فقال: "مَا خَرَقَ فَكُلْ، وما قَتَلَ بعَرْضِه فهُوَ وَقِيذٌ، فَلَا


(٥) فى الأصل، أ، ب: "والحبل".
(٦) فى الأصل، أ: "قتل".
(١) فى م: "ولا".
(٢) فى ب: "محدود".
(٣) فى م: "وعثمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>