للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْحَقَ بمن دُونَ السَّبْعِ، لأنَّه في مَعْنَاهُ، ويَحْتَمِلُ أن لا يَلْحَقَ به، لأنَّه يُفَارِقُه في أمْرِهِ بالصلاةِ، وقُرْبِهِ من المُرَاهَقَةِ (١١). فأمَّا الجاريةُ (١٢) الصَّغِيرَةُ، فلم يَرَ أبو عبدِ اللهِ أن يُغَسِّلَها الرَّجُلُ، وقال: النِّساءُ أعْجَبُ إلَىَّ. وذُكِرَ له أنَّ الثَّوْرِىَّ يقول: تُغَسِّلُ المَرْأَةُ الصَّبِىَّ والرُّجُلُ الصَّبِيَّةَ. قال: لا بَأْسَ أن تُغَسِّلَ المَرْأةُ الصَّبِىَّ، وأمَّا الرَّجُلُ يُغَسِّلُ الصَّبِيَّةَ فلا أجْتَرِئُ عليه، إلَّا أن يُغَسِّلَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ، فإنَّه يُرْوَى عن أبي قِلَابَةَ أنَّه غَسَّلَ بِنْتًا له صَغِيرَةً (١٣). والحسنُ قال: لا بَأْسَ أن يُغَسِّلَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ، إذا كانت صَغِيرَةً. وكَرِهَ غَسْلَ الرَّجُلِ الصَّغِيرَةَ سَعِيدٌ، والزُّهْرِىُّ. قال الخَلَّالُ: القِياسُ التَّسْوِيَةُ بين الغُلامِ والجارِيَةِ، لولا أنَّ التَّابِعِينَ فَرَّقُوا بينهما، فكَرِهَهُ أحمدُ لذلك. وسَوَّى أبو الخَطَّابِ بينهما، فجَعَلَ فيهما رِوَايَتَيْنِ، جَرْيًا على مُوجِبِ القِياسِ. والصَّحِيحُ ما عليه السَّلَفُ، مِن أنَّ الرَّجُلَ لا يُغَسِّلُ الجارِيَةَ، والتَّفْرِقَةُ بين عَوْرَةِ الغُلامِ والجارِيَةِ؛ لأنَّ عَوْرَةَ الجارِيَةِ أفْحَشُ، ولأنَّ العادَةَ مُعانَاةُ المَرْأَةِ لِلْغُلامِ الصَّغِيرِ، ومُباشَرَةُ عَوْرَتِه في حال تَرْبِيَتِه، ولم تَجْرِ العادَةُ بِمُباشَرَةِ الرَّجُلِ عَوْرَةَ الجارِيَةِ في الحياةِ، فكذلك حَالَةَ المَوْتِ، واللهُ أعلمُ. فأمَّا الصَّبِىُّ إذا غَسَّلَ المَيِّتَ، فإنْ كان عَاقِلًا صَحَّ غُسْلُه صَغِيرًا كان أو كَبِيرًا؛ لأنَّه يَصِحُّ طَهَارَتُه، فَصَحَّ أن يُطَهِّرَ غَيْرَه، كالكَبِيرِ.

فصل: ويَصِحُّ أن يُغَسِّلَ المُحْرِمُ الحَلالَ، والحَلالُ المُحْرِمَ؛ لأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهما تَصِحُّ طَهارَتُه وغُسْلُه، فكان له أن يُغَسِّلَ غيرَه.

فصل: ولا يَصِحُّ غَسْلُ الكَافِرِ للمُسْلِمِ (١٤)؛ لأنَّه عِبَادَةٌ، وليس الكَافِرُ من


(١١) في م: "المراهق".
(١٢) في م: "الطفلة".
(١٣) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب ما قالوا في الرجل يغسل ابنته، من كتاب الجنائز. المصنف ٣/ ٢٥١.
(١٤) في أ، م: "المسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>