للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لم يَجِبْ إذا كان مَآلُه إلى الوُجُوبِ، فعندنا يَصِحُّ، وعندَهم لا يَصِحُّ. وقد ذكَرْنا ذلك في باب الضَّمانِ (٤١).

فصل: وإن أعْسَرَ بنَفَقةِ الْخادِمِ أو الأُدْمِ أو المَسْكنِ، ثَبَتَ ذلك في ذِمَّتِه. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال القاضي: لا يَثْبُتُ؛ لأنَّه من الزَّوائدِ، فلم يثبُتْ في ذِمَّتِه، كالزَّائدِ عن الواجبِ عليه. ولَنا، أنَّها نفَقةٌ تجبُ على سَبِيلِ العِوَضِ، فتَثْبُتُ في الذِّمَّةِ، كالنَّفقةِ الواجبةِ للمرأةِ قُوتًا، وفارَقَ الزَّائدَ عن نَفَقةِ المُعْسِرِ (٤٢)، فإنَّه يَسقُطُ بالإِعْسارِ.

فصل: وإذا أنْفَقتِ المرأةُ على نَفْسِها من مالِ زَوْجِها الغائبِ، ثم بانَ أنَّه قد مات قبلَ إنْفاقِها، حُسِبَ عليها ما أنْفَقَتْه من مِيراثِها، سَواءٌ أنْفقَتْه بنَفْسِها، أو بأمْرِ الحاكمِ. وبهذا قال أبو الْعالِيَةِ، ومحمدُ بن سِيرِينَ، والشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ. ولا أعلمُ عن غيرِهم خِلافَهُم؛ لأنَّها أنْفَقتْ ما لا تَسْتَحِقُّ. وإن فَضَلَ لها شيءٌ، فهو لها. وإن فضلَ عليها شيءٌ، وكان لها صداقٌ أو دَيْنٌ على زَوْجِها، حُسِبَ منه، وإن لم يكنْ لها شيءٌ من ذلك، كان الفَضْلُ دَيْنًا عليها، واللهُ أعلم.

فصل: وإن أعْسَرَ الزَّوجُ بالصَّداقِ، ففيه ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أصَحُّها، ليس لها الفَسْخُ. وهو اختيارُ ابنِ حامدٍ. والثانى، لها الفَسْخُ. وهو اختيارُ أبى بكرٍ؛ لأنَّه أعْسَرَ بالعِوَضِ، فكان لها الرُّجوعُ في المُعَوَّضِ، كما لو أعْسَرَ بثَمَنِ مَبِيعِها. والثالث، إن أعْسَرَ قبلَ الدُّخولِ، فلها الفَسْخُ، كما لو أفْلَسَ المُشْتَرِى والمَبِيعُ بحالِه، وإن كان بعدَ الدُّخولِ، لم تَمْلِكِ الفَسْخَ؛ لأنَّ المَعْقُودَ عليه قد اسْتُوْفِىَ، فأشْبَهَ ما لو أفْلَسَ المُشْترِى بعدَ تَلَفِ المَبِيعِ أو بعضِه. ولَنا، أنَّه دَيْنٌ، فلم يُفْسَخِ النِّكاحُ للإِعْسارِ به، كالنَّفَقةِ الماضيةِ، ولأنَّ تأْخيرَه ليس فيه ضَرَرٌ مُجْحِفٌ، فأشْبَهَ نَفَقةَ الخادمِ والنفقةَ الماضيةَ، ولأنَّه لا


(٤١) تقدم في: ٧/ ٧٥.
(٤٢) في الأصل: "المعسرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>