للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُخَمِّسُ السَّلَبَ، وإنَّ سلَبَ الْبَراءِ قد بَلَغ مالًا، وأنا خَامِسُه. فكان أوَّلُ سَلَبٍ خُمِّسَ فى الإسلامِ سَلَبَ الْبَراءِ. روَاه سَعِيدٌ فى "السُّنَنِ" (٣٦). وفيها أنَّ سلَبَ الْبَراءِ بلغَ ثلاثين ألفًا. ولَنا، ما رَوَى عَوْفُ بن مالِك، وخالِدُ بن الوليدِ، أنَّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قضَى [فى السَّلَبِ] (٣٧) للقاتِلِ، ولم يُخمِّسِ السَّلَبَ. روَاه أبو داودَ (٣٨). وعُمومُ الأخبارِ التى ذكرْناها، وخبرُ عمرَ حُجَّةٌ لنا، فإنَّه قال: إنَّا كُنَّا لا نُخَمِّسُ السَّلَبَ. وقولُ الرَّاوِى: كان أوَّل سَلَبٍ خُمِّسَ فى الإِسلامِ. يَعْنِى أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبا بكرٍ وعمرَ صَدْرًا من خلافتِه، لم يُخَمِّسُوا سَلَبًا، واتِّباعُ ذلك أوْلَى. قال الجُوزَجانِىُّ: لا أظُنُّه يجوزُ لأحَدٍ فى شىءٍ سَبَق فيه من الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شىءٌ إلَّا اتِّباعُه، ولاحُجَّةَ فى قولِ أحدٍ مع قولِ رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وما ذكرْناه يصلُحُ أنْ يُخَصَّصَ به عُمومُ الآيةِ. وإذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ السَّلَبَ من أصلِ الغنيمَةِ. وقال مالِكٌ: يُحْتَسَبُ مِن (٣٩) خُمْسِ الخُمْسِ. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بالسَّلَبِ للقاتِلِ مُطْلَقًا، ولم يُنْقَلْ عنه أنَّه احْتَسبَ به من خُمْسٍ الخُمْسِ (٤٠)، ولأنَّه لو احْتَسَبَ به من خُمْسِ الخُمْسِ، احْتِيجَ إلى معرفةِ قِيمَتِه وقَدْرِه، ولم يُنْقَلْ ذلك، ولأنَّ سَبَبَه لا يفْتَقِرُ إلى اجْتهادِ الإِمامِ، فلم يكُنْ من خُمْسِ الخُمْسِ، كسَهْمِ الفارِسِ والرَّاجلِ.

الفصل السادس: أنَّ القاتلَ يسْتَحِقُّ السَّلَبَ، قال ذلك الإِمامُ أو لم يقُلْ. وبه قال الأوْزَاعىُّ، واللَّيْثُ، والشافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وقال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ: لا يسْتِحقُّه إلَّا أنْ يشْترِطَه (٤١) الإِمامُ له. وقال مالِكٌ: لا يسْتَحِقُّه، إلَّا أنْ


(٣٦) تقدم تخريجه، فى صفحة ٣٨.
(٣٧) فى م: "بالسلب".
(٣٨) فى: باب فى السلب يُخمس، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٦٦.
كما أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٩٠، ٦/ ٢٦.
(٣٩) فى النسخ: "فإن".
(٤٠) سقط من: م.
(٤١) فى الأصل: "يشرطه".

<<  <  ج: ص:  >  >>