للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِسْمَةَ بيعٌ، بل (٤) هى إفْرازُ حَقٍّ، على ما ذَكَرْناهُ فى بابِ القِسْمَةِ (٥).

١٧٦٩ - مسألة؛ قال: (والْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ، [عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ، وعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ] (١).

العَقِيقَةُ: الذَّبِيحَةُ التى تُذْبَحُ عن المولودِ، وقيل: هى الطَّعامُ الذى يُصْنَعُ ويُدْعَى إليه من أجلِ المولودِ. قال أبو عُبَيْدِ: الأَصْلُ فى العقيقَةِ الشَّعَرُ الذى على المَوْلودِ، وجمعُها عَقائِقُ، ومنها قولُ الشاعِر (٢):

أَيَا هِنْدُ لا تنْكحِى بُوهَةً ... عليه عَقِيقَتُه أَحْسَبَا (٣)

ثمّ إنَّ العرَبَ سمَّت الذَّبِيحَةَ عند حَلْقِ شعرِه عَقِيقَةً، على عادتِهم (٤) فى تَسْمِيَةِ الشىءِ باسمِ سبَبِه أو ما جاوَرَه، ثم اشتهرَ ذلك حتى صارَ من الأسماءِ العُرْفِيَّةِ، وصارَت الحقيقَةُ مَغْمورةً فيه، فلا يُفْهَمُ من العقيقَةِ عندَ الإِطْلاقِ إلَّا الذَّبِيحَةُ. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: أَنْكرَ أحمدُ هذا التَّفْسيرَ، وقال: إنَّما العَقِيقَةُ الذَّبْحُ نفسُه. ووَجْهُه أن أصلَ العَقِّ القَطْعُ، ومنه عَقَّ والِدَيْه، إذا قَطَعَهما. والذبحُ قطْعُ الحُلْقوم (٥) والْمَرِىءِ والوَدَجَيْن. والعَقِيقَةُ سُنَّةٌ فى قولِ عامَّةِ أهلِ العِلْمِ؛ منهم ابنُ عبّاسٍ، وابنُ عمرٍ، وعائِشَةُ، وفُقَهاءُ التَّابعين، وأئِمَّةُ الأَمْصارِ، إلَّا أصْحابَ الرأى، قالُوا: ليست سُنَّةٌ، وهى من أمْرِ الجاهِلِيَّة. ورُوِىَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه سُئِلَ عن العَقِيقَةِ، فقال: "إِنَّ اللَّه تَعالَى لَا يُحِبُّ الْعُقُوقَ" (٦). فكأَنَّه كَرِهَ الاسمَ، وقال: "مَنْ وُلِدَ له مَوْلُودٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ، فَلْيَفْعَلْ". رَواه مالِكٌ فى


(٤) سقط من: م.
(٥) تقدم فى صفحة ٣٧٩.
(١) سقط من: أ.
(٢) هو امرؤ القيس، والبيت فى ديوانه ١٢٨.
(٣) فى أ: "عليه عقيقته أشيبا". وفى حاشية ب: "البوهة: البومة، سمى به الأحمق. والأحسب: الذى فى شعر رأسه ضفرة. يصفه باللؤم والشح، قول: كأنه لم تحلق عقيقته فى صغره حتى شاخ".
(٤) فى ب، م: "عاداتهم".
(٥) فى الأصل، أ: "للحلقوم".
(٦) أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>