للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَصَلَ من غَرامةٍ فعليهما؛ لأنَّهما سَبَبٌ فى إيجابِها. وإن شَهِدَا (١٠٠) بمَوْتِ رَجُلٍ، فقُسِّمَ مالُه، ثم قَدِمَ، فما وَجَدَ من مالِه أخَذَه. وما تَلِفَ منه أو تعذَّرَ رُجُوعُه فيه، فله تَضْمِينُ الشاهِدَيْنِ؛ لأنَّهما سَبَبُ الاسْتِيلاءِ عليه، وللمالِكِ تَضْمِينُ المُتْلِفِ؛ لأنَّه أتْلَفَ مالَه بغيرِ إذْنِه.

فصل: وإذا نَكَحَ رجلٌ امرأةً نِكاحًا مُتَّفَقًا على بُطْلانِه، مثل أن يَنْكِحَ ذاتَ مَحْرَمِه، أو مُعْتَدّةً يَعْلَمُ حالَها وتَحْرِيمَها، فلا حُكْمَ لعَقْدِه، والخَلوةُ بها كالْخَلْوةِ بالأجْنَبِيَّةِ، لا تُوجِبُ عِدَّةً، وكذلك الموتُ عنها لا يوجبُ عِدَّةَ الوفاةِ. وإن وَطِئَهَا، اعْتَدَّتْ لوَطْئِه بثلاثةِ قُرُوءٍ منذُ وَطِئَها، سَواءٌ فارَقَها، أو مات عنها، كما لو زَنَى بها من غيرِ عَقْدٍ. وإن نَكَحَها نِكاحًا مُخْتَلَفًا فيه، فهو فاسِدٌ، فإن مات عنها، فنَقَلَ جعفرُ بن محمدٍ، أنَّ عليها عِدَّةَ الوفاةِ. وهذا اختيارُ أبي بكرٍ. وقال أبو عبدِ اللَّه ابن حامدٍ: ليس عليها عِدَّةُ الوفاةِ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه نكاحٌ لا يُثْبِتُ الحِلَّ، فأشْبَهَ الباطِلَ. فعلى هذا، إن كان قبلَ الدُّخولِ، فلا عِدَّةَ عليها، وإن كان بعدَه، اعْتدَّتْ بثلاثةِ قُرُوءٍ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه نكاحٌ يَلْحَقُ به النَّسَبُ، فوَجَبَتْ به عِدَّةُ الوَفاةِ، كالنِّكاحِ الصَّحيحِ، وفارَقَ الباطلَ، فإنَّه لا يَلْحَقُ به النَّسَبُ. وإن فارَقَها فى الحياةِ بعدَ الإِصابةِ، اعْتدَّتْ بعدَ فُرْقَتِه بثَلاثةِ قُرُوءٍ، ولا اخْتلافَ فيه. وإن كان قبلَ الخَلْوةِ، فلا عِدَّةَ عليها، بلا خلافٍ؛ لأنَّ المُفارِقةَ فى الحياةِ فى النِّكاحِ الصَّحِيحِ لا عِدَّةَ عليها، [بلا خلافٍ] (١٠١)، ففى الفاسدِ أوْلَى. وإن كان بعدَ الخَلْوةِ قبلَ الإِصابةِ، فالمَنْصُوصُ عن أحمدَ، أنَّ عليها العِدَّةَ؛ لأنَّه يَجْرِى (١٠٢) مَجْرَى النِّكاحِ الصَّحِيحِ فى لُحُوقِ النَّسَبِ، فكذلك فى العِدَّةِ. وقال الشافعىُّ: لا عِدَّةَ عليها؛ لوَجْهَيْن؛ أحدهما، أنَّها خَلْوةٌ فى غيرِ نكاحٍ صحيحٍ، أشْبَهتِ التى نِكاحُها باطلٌ. والثاني،


(١٠٠) فى م: "شهدوا".
(١٠١) سقط من: أ، ب.
(١٠٢) فى ب، م: "جرى".

<<  <  ج: ص:  >  >>