للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصار كأنَّه قال: أنتِ طالقٌ. ولم يَزِدْ. وكذلك إن قال: أنتِ طالقٌ للسُّنَّةِ والبِدْعةِ. أو قال: أنتِ طالقٌ لا للسُّنَّةِ ولا للبِدْعةِ. طَلُقَتْ فى الحالِ؛ لأنَّه وصَفَ الطَّلْقةَ بصِفَتِها. ويَحْتَمِلُ كلامُ الْخِرَقِىِّ أن يكونَ للحاملِ طلاقُ سُنَّةٍ؛ لأنَّه طلاقٌ أُمِرَ به بقولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ لْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا" (٢). وهو أيضًا ظاهرُ كلامِ أحمدَ، فإنَّه قال: أذْهَبُ إلى حديثِ سالمٍ عن أبيه. يعنى هذا الحديثَ. ولأنَّها فى حالٍ انْتقلتْ (٣) إليها بعدَ زَمَنِ البِدْعةِ، ويُمْكِنُ أن تَنتقِلَ عنها إلى زمانِ البِدْعةِ، فكان طلاقُها طلاقَ سُنَّةٍ، كالطَّاهرِ مِنَ الحَيْض مِن غيرِ مُجَامَعَةٍ. ويَتَفَرَّعُ مِن هذا، أنَّه لو قال لها: أنتِ طالقٌ للبِدْعةِ. لم تَطْلُقْ فى الحالِ، فإذا وضَعتِ الحَمْلَ طَلُقَتْ؛ لأنَّ النِّفَاسَ زمانُ بِدْعةٍ، كالحَيْضِ.

فصل: وإن قال لصغيرةٍ أو غيرِ مدخولٍ بها: أنتِ طالقٌ للبِدْعةِ. ثم قال: أرَدْتُ إذا حاضتِ الصَّغيرةُ، أو أُصيبتْ غيرُ المدخولِ بها. أو قال لهما: أنتُما طالقتانِ للسُّنَّةِ. وقال: أرَدْتُ طلاقَهما فى زمن يَصيرُ طلاقُهما فيه للسُّنَّةِ. دِينَ فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعالى. وهل يُقْبَلُ فى الحُكمِ؟ فيه وَجْهانِ، ذكَرَهُما القاضى؛ أحدُهما، لا يُقبَلُ. وهو مذهبُ الشَّافعىِّ؛ لأنَّه خلافُ الظَّاهرِ، فأشْبَهَ ما لو قال: أنتِ طالقٌ. ثم قال: أردتُ إذا دخَلتِ الدَّارَ. والثانى. يُقبَلُ. وهو أشْبَهُ (٤) بمذهبِ أحمدَ؛ لأنَّه فسَّرَ كلامَه بما يَحْتمِلُه، فقيل: كما لو قال: أنتِ طالقٌ، أنت طالقٌ. وقال: أرَدْتُ بالثَّانيةِ إفْهامَها.

فصل: وإذا قال لها فى طُهْرٍ جامعَها فيه: أنتِ طالقٌ للسُّنَّةِ. فيَئِستْ مِنَ الْمَحِيض، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّه وَصَفَ طلاقَها بأنَّه للسُّنَّةِ فى زمنٍ يَصْلُحُ له، فإذا صارت آيِسَةً، فليس لطلاقِها سُنَّةٌ، فلم تُوجَدِ الصِّفَةُ، فلا يَقَعَ. وكذلك إن اسْتبانَ حَمْلُها،


(٢) تقدم تخريجه فى ١/ ٤٤٤.
(٣) فى أ: "انتقل".
(٤) فى ب، م: "الأشبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>