للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولُ مَن سَمَّيْنَا من الصَّحَابَةِ، ولم نَعْرِفْ لهم مُخَالِفًا، ولأنَّه ليس بِطِيبٍ، فلم يُكْرَهْ ما صُبِغَ به، كالسَّوَادِ، والمَصْبُوغِ بالمَغْرَةِ (٨)، وأما الوَرْسُ والزَّعْفَرَانُ فإنَّه طِيبٌ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.

فصل: ولا بَأْسَ بالمُمَشَّقِ، وهو المَصْبُوغُ بِالمَغْرَةِ؛ لأنَّه مَصْبُوغٌ بِطِينٍ لا بِطِيبٍ، وكذلك المَصْبُوغُ بِسَائِرِ الأصْبَاغِ، سِوَى ما ذَكَرْنَا؛ لأنَّ الأصْلَ الإِباحَةُ، إلَّا ما وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِه، أو ما (٩) كان فى مَعْنَاه، وليس هذا كذلك. وأمَّا المَصْبُوغُ بِالرَّيَاحِين، فهو مَبْنِىٌّ على الرَّيَاحِينِ فى نَفْسِها، فما مُنِعَ المُحْرِمُ مِن اسْتِعْمَالِه، مُنِعَ (١٠) لُبْسَ المَصْبُوغِ به، إذا ظَهَرَتْ رَائِحَتُه، وإلَّا فلا.

٥٨٣ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَقْطَعُ شَعْرًا مِنْ رَأْسِهِ، وَلَا جَسَدِهِ)

أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ المُحْرِمَ مَمْنُوعٌ من أَخْذِ شَعْرِهِ، إلَّا من عُذْرٍ. والأصْلُ فيه قولُ اللهِ تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (١). ورَوَى كَعْبُ بن عُجْرَةَ، عن رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "لَعَلَّكَ يُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ " قال: نعم، يا رسولَ اللهِ. فقال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، أوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أوْ انْسُكْ شَاةً". مُتَّفَقٌ عليه (٢). وهذا يَدُلُّ على أنَّ الحَلْقَ كان قبلَ ذلك مُحَرَّمًا، وشَعْرُ الرَّأْسِ والجَسَدِ فى ذلك سَوَاءٌ.

فصل: فإنْ كان له عُذْرٌ، من مَرَضِ، أو وَقَعَ فى رَأْسِه قَمْلٌ، أو غيرُ ذلك ممَّا يَتَضَرَّرُ بإبْقَاءِ الشَّعْرِ، فله إزَالَتُه، لِلْآيَةِ والخَبَرِ. قال ابنُ عباس: {فَمَنْ كَانَ


(٨) المغرة: الطين الأحمر يصبغ به.
(٩) فى أ، ب، م: "وما".
(١٠) فى م: "مع" خطأ.
(١) سورة البقرة ١٩٦.
(٢) تقدم تخريجه فى صفحة ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>