للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ الذي كان يُسْمَعُ منهم: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وقَدْ جَاءَ مُصَرِّحًا بهِ. ورَوَى شُعْبَةُ، وشَيْبَانُ، عن قَتَادةَ قال: سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالكٍ، قال: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبى بكرٍ، وعمرَ، فلم أَسْمَعْ أحدًا منهم يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وفى لَفْظٍ: فكلُّهم يُخْفِى بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وفى لَفْظٍ، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كانَ يُسِرُّ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وأبا بكرٍ وعمرَ. رَوَاه ابْنُ شَاهِين (١١). وحديثُ ابْنِ عبدِ اللهِ بْنِ المُغَفَّلِ مَحْمُولٌ على هذا أيضًا، جَمْعًا بين الأخْبَارِ. ولأنَّ "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" يُسْتَفْتَحُ بها سائرُ السُّوَرِ، فاسْتِفْتَاحُ الفاتحةِ بها أوْلَى، لأنَّها أوَّلُ القُرْآنِ وفاتحَتُه، وقد سَلَّم مالكٌ هذا، فإنَّه قال في قِيَامِ رمضانَ: لا يَقْرَأُ "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فِي أوَّلِ الفاتحةِ، ويَسْتَفْتِحُ بها بَقِيَّةَ السُّوَرِ.

١٥٠ - مسألة؛ قالَ: (وَلَا يَجْهَرُ بِهَا)

يَعْنِى "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". ولا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ عن أحمدَ أنَّ الجَهْرَ بها غيرُ مَسْنُونٍ. قال التِّرمِذِىُّ (١): وعليهِ العَمَلُ عندَ أكثرِ أهلِ العِلْمِ، من أصحابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومَن بَعْدَهُمْ مِن التَّابِعِينَ، منهم أبو بكرٍ وعمرَ وعُثْمَانَ. وعَلِىّ. وذَكَرَهُ ابنُ المُنْذِرِ، عن ابْنِ مسعودٍ، وابْنِ الزُّبَيْرِ، وعَمَّارٍ. وبه يقولُ الحَكَمُ وحَمَّادٌ، والأوْزَاعِيُّ، والثَّوْرِىُّ، وابنُ المُبَارَكِ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ويُرْوَى عن عَطاءٍ، وطَاوُس، ومُجَاهِدٍ، وسعيدِ بن جُبَيْر، الجَهْرُ بها. وهو مَذْهَبُ الشافِعيِّ؛ لحديثِ أبي هُرَيْرة، أنَّه قَرأهَا (٢) في الصلاةِ. وقد صَحَّ عنه (٣) قال: ما أسْمَعَنَا رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَسْمَعْنَاكم، وما أخْفَى علينا أخْفَيْنَاهُ عليْكم.


(١١) أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان، ابن شاهين البغدادي الحافظ، محدث العراق، صاحب التصانيف، المتوفى سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. تذكرة الحفاظ ٣/ ٩٨٧ - ٩٨٩.
(١) في: باب ما جاء في ترك الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ٤٤.
(٢) في الأصل: "قرأ بها".
(٣) في م: "أنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>