للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهادتِه مَدْخَلٌ، كالحُدودِ والقِصاصِ. وما ذكروه لا يَصِحُّ؛ فإنَّ الشُّبْهةَ لا مَدْخَلَ لها فى النِّكاحِ، وإن تُصُوِّرَ بأن تَكونَ المرأةُ مُرْتابةً بالحَملِ، لم يَصِحَّ النِّكاحُ.

فصل: وقد نُقِلَ عن أحمدَ، رَضِىَ اللهُ عنه، فى الإعْسارِ ما يَدُلُّ على أنَّه لا يَثْبُتُ إلَّا بثلاثةٍ؛ لحديثِ قَبِيصَةَ بنِ المُخَارِقِ: "حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِى الحِجَا مِنْ قَوْمِهِ، لَقَدْ أصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ" (٥). قال أحمدُ: هكذا جاءَ الحديثُ. فظاهرُ هذا أنَّه أخَذَ به. ورُوِىَ عنه، أنَّه لا يُقْبَلُ قولُه (٦) إنَّه وصَّى، حتى يَشْهدَ له رجلانِ، أو رجلٌ عَدْلٌ. فظاهرُ (٦) هذا أنَّه يُقْبَلُ فى الوَصِيَّةِ شهادةُ رجلٍ واحدٍ. وقال فى الرجلِ يُوصى ولايَحْضُرُه إلَّا النِّساءُ. قال: أُجيزُ شهادةَ النِّساءِ، فظاهرُ هذا أنَّه أثْبَتَ الوَصِيَّةَ بشَهادةِ النِّساءِ على الانْفِرادِ، إذا لم يحْضُرْه الرِّجالُ. قال القاضى: والمذهبُ أنَّ هذا كلَّه لا يثْبُتُ إلَّا بشاهِدَيْنِ، وحديثُ قَبِيصَةَ فى حِلِّ المسألةِ، لا فى الإعْسارِ.

فصل: ولا يَثْبُتُ شىءٌ من هذين النَّوعيْنِ بشاهدٍ ويَمينِ المُدَّعِى؛ لأنَّه إذا لم يَثْبُتْ بشَهادةِ رجلٍ وامرأتيْنِ، فلِئلَّا يَثْبُتَ بشَهادةِ واحدٍ وَيمِينٍ أوْلَى. قال أحمدُ، ومالكٌ، فى الشَّاهدِ واليَمِينِ: إنَّما يكونُ ذلك فى الأمْوالِ خاصَّة، لا يَقَعُ فى حَدٍّ، ولا نِكاحٍ، ولا طَلاقٍ، ولا عَتَاقةٍ، ولا سَرِقةٍ، ولا قَتلٍ. وقد قال الْخِرَقِىُّ: إذا ادَّعَى العَبْدُ أنَّ سيِّدَه أعْتَقَه، وأتَى بشاهدٍ، حلَفَ مع شاهدِه، وصارَ حُرًّا. ونصَّ عليه أحمدُ. وقال فى شريكيْنِ فى عبدٍ، ادَّعَى كلُّ واحدٍ منهما أنَّ شريكَه أعْتَقَ حقَّه منه، وكانا مُعْسِرينِ عَدْلَيْنِ: فلِلْعَبْدِ أن يحْلِفَ مع كلِّ واحدٍ منهما ويَصيرَ حُرًّا، أو يَحْلِفَ مع أحدِهما ويَصيرَ نِصفُه حُرًّا. فيُخرَّجُ مثلُ هذا فى الكِتابةِ، والوَلاءِ، والوَصِيَّةِ، والوَديعةِ، والوَكالةِ، فيكونُ فى الجميعِ رِوايتان، ما خَلا العُقوباتِ البَدنِيَّة، والنِّكاحَ، وحقوقَه، فإنَّها لا تثْبُتُ بشاهدٍ ويَمِينٍ، قولًا واحدًا. قال القاضى: المَعْمولُ عليه فى جميعِ ما ذكرْناه، أنَّه لا يَثْبُتُ إلَّا بشاهِدَيْنِ. وهو قولُ الشَّافعىِّ. ورَوَى الدَّارَقُطْنىُّ (٧)، بإسْنادِه عن أبى سَلَمةَ، عن أبى


(٥) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ١١٩.
(٦) سقط من: الأصل.
(٧) لم نجده عند الدارقطنى، فى سننه، وعزاه السيوطى إلى أبى نعيم، وابن منده فى المعرفة، والديلمى. الجامع الكبير ١/ ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>