للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشَارِكُهُما في سَلامَةِ السَّمْعِ وصِحَّةِ البَصَرِ، كذا هاهُنا.

فصل: وإن أخْبَرَهُ مُخْبِرٌ بِرُؤْيَةِ الهِلَالِ يَثِقُ بِقَوْلِه، لَزِمَهُ الصومُ. وإن لم يَثْبُتْ ذلك عندَ الحَاكِم؛ لأنَّه خَبَرٌ بِوَقْتِ العِبادَةِ، يَشْتَرِكُ فيه المُخْبِرُ والمُخْبَرُ، أشْبَه الخَبَرَ عن رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والخَبَرَ عن دُخُولِ وَقْتِ الصلاةِ. ذَكَرَ ذلك ابنُ عَقِيلٍ. ومُقْتَضَى هذا أنَّه يَلْزَمُه قَبُولُ الخَبَرِ، وإن رَدَّهُ الحَاكِمُ؛ لأنَّ رَدَّ الحَاكِمِ يجوزُ أن يكونَ لِعَدَمِ عِلْمِه بِحالِ المُخْبِرِ، ولا يَتَعَيَّنُ ذلك في عَدَمِ العَدَالَةِ، وقد يَجْهَلُ الحاكِمُ عَدَالَةَ مَن يَعْلَمُ غَيْرُه عَدَالَتَهُ.

فصل: فإن كان المُخْبِرُ امْرَأَةً فقِيَاسُ المذهبِ قَبُولُ قَوْلِها. وهو قولُ أبي حنيفةَ، وأحَدُ الوَجْهَيْنِ لأصْحابِ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه خَبَرٌ دِينِيٌّ. فأشْبَهَ الرِّوَايَةَ، والخَبَرَ عن القِبْلَةِ، ودُخُولَ وَقْتِ الصلاةِ، ويَحْتَمِلُ أن لا تُقْبَلَ؛ لأنَّه شَهادَةٌ بِرُؤْيَةِ الهِلالِ، فلم يُقْبَلْ فيه قَوْلُ امْرَأةٍ، كهِلالِ شَوَّال.

٥١٥ - مسألة؛ قال: (ولا يُفْطِرُ إلَّا بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ)

وجُمْلَةُ ذلك أَنَّه لا يُقْبَلُ في هِلالِ شَوَّال إلَّا شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ. في قولِ الفُقَهَاءِ جَمِيعِهم، إلَّا أبا ثَوْرٍ، فإنَّه قال: يُقْبَلُ قَوْلُ وَاحِدٍ؛ لأنَّه أحَدُ طَرَفَىْ شهرِ رمضانَ، أشْبَهَ الأوَّلَ، ولأنَّه خَبَرٌ يَسْتَوِي فيه المُخْبِرُ والمُخْبَرُ، أشْبَهَ الرِّوَايَةَ وأخْبارَ الدِّياناتِ. ولَنا، خَبَرُ عبدِ الرحمنِ بن زيدِ بن الخَطَّابِ (١)، وعن ابنِ عمرَ عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَّه أجازَ شَهادةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ على رُؤْيَةِ الهِلالِ، وكان لا يُجِيزُ على شَهَادَةِ الإفْطارِ إلَّا شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ (٢). ولأنَّها شَهَادَةٌ على هِلالٍ لا يُدْخَلُ بها في العِبادَةِ، فلم تُقْبَلْ فيه إلَّا شهادَةُ اثْنَيْنِ كسائرِ الشُّهُود، وهذا يُفَارِقُ الخَبَرَ؛ لأنَّ


(١) الذي تقدم في صفحة ٤١٧.
(٢) أخرجه الدارقطني. في: أول كتاب الصيام. سنن الدارقطني ٢/ ١٥٦. والبيهقى، في: باب الشهادة على رؤية هلال رمضان، من كتاب الصيام. السنن الكبرى ٤/ ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>