للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالِ وَلَدِهِ أبْلَغُ فى (٣١) امْتِناعِ إعْتاقِ عبدِه؛ لأنَّهُ إنَّما أَثْبَتَ الوِلايَةَ عليهِ لِحَظِّ الصَّبِىِّ، ليَحْفَظَ ما لَه عليه، ويُنَمِّيَه له، ويقومَ بمصالحِهِ التى يَعْجِزُ الصَّبِىُّ عن القيامِ بها، وإذا كان مَقْصودُ الوِلاة الحِفْظَ، اقْتضَتْ مَنْعَ التَّضْييعِ والتَّفْرط بإعتاقِ رَقِيقِهِ، والتَّبَرُّعِ بمالِهِ. ولو قال رجُلٌ لعبدِ آخَرَ (٣٢): أنتَ حُرٌّ من مالى. فليس بِشَىءٍ، فإنِ اشترَاهُ بعدَ ذلِكَ، فهو مَمْلوكُه، ولا شَىْءَ علَيْهِ. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وعامَّةُ الفُقَهاءِ. ولو بلَغَ رجُلًا [أَنَّ رجلًا] (٣٣) قال لعَبْدِهِ: أنتَ حُرٌّ من مالِى. فقال: قد رضِيتُ. فليس بِشَىْءٍ. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ.

١٩٤٦ - مسألة؛ قال أبو القاسم، رحمَه اللَّه: (وَإِذَا كَانَ الْعبدُ بَيْنَ ثَلاثَةٍ، فأعْتَقُوهُ مَعًا، أَوْ وَكَّلَ نَفْسانِ الثَّالِثَ أَنْ يُعْتِقَ حُقُوقهُما مَع حَقِّهِ، فَفَعَلَ، أَوْ أَعْتَقَ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُمْ حَقَّهُ، وهُوَ مُعْسِرٌ، فقَدْ صَارَ حُرًّا، ووَلَاؤُهُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا)

وجملتُه أَنَّ العَبْدَ متى كان لِثلاثةٍ، فأعْتقُوه مَعًا؛ إِمَّا بأنفُسِهِم، بأن يتلفَّظُوا بعِتْقِهِ مَعًا، أو يُعَلِّقوا عِتْقَهُ على صِفَةٍ واحدَةٍ، فتُوجَدَ، أو يُوكِّلوا واحِدًا، فيُعْتِقَه، أو يُوَكِّلَ نفسانِ منهم الثَّالِثَ، فيُعْتِقَه، فإنَّه يصيرُ حُرًّا، ووَلَاؤُه بَيْنَهم على قدْرِ حُقوقِهم فيه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعتَقَ" (١). وكُلُّ واحِدٍ منهم قد اعتَقَ حَقَّه، فيثبُتُ له الوَلَاءُ عليه. وهذا لا نعلَمُ فيه بينَ أهلِ العلمِ خِلافًا. فأمَّا إِنْ أعْتَقَه سادَتُه الثَّلاثةُ، واحِدًا بعدَ واحدٍ، وهم مُعْسِرُون، أو كان المُعْتِقانِ الأَوَّلانِ مُعْسِرَيْنِ، والثالثُ مُوسِرًا، فالصَّحيحُ فيه أنَّه يَعْتِقُ على كُلِّ واحدٍ منهم حقُّه، وله وَلاؤه، وهذا قولُ أكثرِ أهْلِ العلمِ. وحكَى ابنُ المُنْذِرِ، فيما إذا اعتَقَ المُعْسِرُ نَصِيبَه قَولَيْنِ شاذَّيْنِ؛ أحدهما، أنَّه باطلٌ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ أن يَعْتِقَ نصفُه مُنْفَرِدًا، إذْ لا يُمْكِنُ أن يكونَ إنسانٌ نِصفُه حُرٌّ، ونِصفُه عَبْدٌ، كما لا يُمْكِنُ أن يكونَ نِصْفُ المرأةِ طالِقًا، ونِصْفُها زَوْجَةً، ولا سبيلَ إِلَى إعْتاقِ جَميعِهِ، فبَطَلَ (٢) كُلُّه.


(٣١) فى أ، ب، م: "من".
(٣٢) سقط من: أ.
(٣٣) سقط من: الأصل.
(١) تقدم تخريجه، فى: ٨/ ٣٥٩، ٣٦٠.
(٢) فى الأصل: "فيبطل".

<<  <  ج: ص:  >  >>