للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يجدَ بخطِّه دَيْنًا له على إنسانٍ، وهو يَعْرفُ أنَّه لا يَكتُبُ إلّا حقًّا، ولم يَذْكُرْه، أو يجدَ فى رُزْمانجِ (١٤) أبيه بخَطِّه دَيْنًا له على إنسانٍ، ويَعْرِفُ مِن أبيه الأمانةَ، وأنَّه لا يَكتبُ إلَّا حقًّا، فله أن يحْلِفَ عليه، ولا يجوزُ أن يَشْهدَ به، ولو أخبرَه بحقِّ أبيه ثِقَةٌ، فسكَنَ إليه، جازَ أن يحْلِفَ عليه، ولم يجُزْ له أن يَشْهَدَ به وبهذا قال الشَّافعىُّ، والفرقُ بين اليَمِينِ والشَّهادةِ مِن وَجْهيْنِ؛ أحدهما، أنَّ الشَّهادةَ لغيرِه (١٥)، فيَحْتَمِلُ أنَّ مَن له الشَّهادةُ قد زوَّرَ على خَطِّه، ولا يَحْتَمِلُ هذا فيما يحْلِفُ عليه؛ لأنَّ الحقَّ إنَّما هو للحالفِ، فلا يُزوِّرُ أحدٌ عليه. الثانى، أنَّ ما يَكْتبُه الإنسانُ مِن حُقوقِه يَكْثُرُ فيَنْسَى بعضَه، بخلافِ الشَّهادةِ.

فصل: وكلُّ مَوضعٍ قُبِلَ فيه [الشَّهادةُ بالشَّاهِدِ] (١٦) واليَمِينِ، فلا فَرْقَ بين كَوْنِ المدَّعِى مُسلمًا أو كافرًا، عَدلًا أو فاسقًا، رجلًا أو امرأةً. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ مَن شُرِعتْ فى حقِّه اليَمِينُ لا يَختلِفُ حُكمُه باخْتلافِ هذه الأوصافِ، كالمُنْكِرِ إذا لم تكُنْ بيِّنةٌ.

فصل: قال أحمدُ: مَضَتِ السُّنَّةُ أن يُقْضَى باليَمِينِ مع الشَّاهدِ الواحدِ، فإنْ أبَى أن يَحْلِفَ، اسْتُحْلِفَ المطلوبُ. وهذا قولُ مالكٍ، والشَّافعىِّ. ويُرْوَى عن أحمدَ: فإن أبَى المَطْلوبُ أن يحلِفَ، ثَبَتَ الحقُّ عليه.

فصل: ولا تُقْبلُ شهادةُ امرأتَيْنِ ويَمِينُ المُدَّعِى. وبه قال الشافعىُّ. وقال مالكٌ: يُقْبَلُ ذلك فى الأمْوالِ؛ لأنَّهما فى الأموالِ أُقِيمَتا مُقامَ الرَّجُلِ، فحلَفَ معهما، كما يَحْلِفُ مع الرجلِ. ولَنا، أنَّ البيِّنةَ على المالِ إذا خلَتْ من رجلٍ لم تُقْبَلْ، كما لو شهِدَ أربعُ نِسْوةٍ، وما ذكروه يَبْطُلُ بهذه الصورةِ، فإنَّهما لو أُقِيمَتا مُقامَ رجلٍ من كلِّ وَجْهٍ، لكفَى أربعُ نِسْوةٍ مُقامَ رَجُلينِ، ولَقُبِلَ (١٧) فى غيرِ الأمْوالِ شَهادةُ رجلٍ وامرأتَيْن، ولأنَّ شهادةَ المرأتينِ ضعيفةٌ، تقوَّتْ بالرَّجُلِ، واليَمِينُ ضعيفةٌ، فيُضَمُّ ضعيفٌ إلى ضعيفٍ، فلا يُقْبَلُ.


(١٤) أى: دفتره.
(١٥) فى الأصل: "بغيره".
(١٦) فى ب، م: "الشاهد".
(١٧) فى ب: "ويقبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>