للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: يومُ الحَجِّ الأكْبَرِ يومُ النَّحْرِ؛ فإنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال فى خُطْبَتِه يومَ النَّحْرِ: "هذَا يَوْمُ الحَجِّ الأكْبَرِ". رَوَاهُ البُخَارِىُّ (٢٨). وسُمِّىَ بذلك لِكَثْرَةِ أفْعَالِ الحَجِّ فيه؛ من الوُقُوفِ بالمَشْعَرِ، والدَّفْعِ منه إلى مِنًى، والرَّمْىِ، والنَّحْرِ، والحَلْقِ، وطَوَافِ الإفَاضَةِ، والرُّجُوعِ إلى مِنًى لِيَبِيتَ بها، وليس فى غيره مِثْلُه، وهو مع ذلك يومُ عِيدٍ، ويومٌ يَحِلُّ فيه من إحْرَامِ الحَجِّ.

فصل: وفى يومِ النَّحْرِ أرْبَعَةُ أشْياء: الرَّمْىُ، ثم النَّحْرُ، ثم الحَلْقُ، ثم الطَّوَافُ. والسُّنَّةُ تَرْتِيبُها هكذا؛ فإنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَتَّبَهَا، كذلك وَصَفَهُ جابرٌ فى حَجِّ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (٢٩). ورَوَى أَنَسٌ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَمَى، ثم نَحَرَ، ثم حَلَقَ. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٣٠). فإن أخَلَّ بِتَرْتِيبِهَا، نَاسِيًا أو جَاهِلًا بالسُّنَّةِ فيها، فلا شىءَ عليه، فى قَوْلِ كَثِيرٍ من أهْلِ العِلْمِ، منهم: الحسنُ، وطاوُسٌ، ومُجاهِدٌ، وسَعِيدُ ابن جُبَيْرٍ، وعَطاءٌ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، ودَاوُدُ، ومحمدُ بن جَرِيرٍ الطَّبَرِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن قَدَّمَ الحَلْقَ على الرَّمْىِ، أو على النَّحْرِ، فعليه دَمٌ، فإن كان قَارِنًا فعليه دَمَانِ. وقال زُفَرُ: عليه ثلاثةُ دِمَاءٍ؛ لأنَّه لم يُوجَدِ التَّحَلُّلُ الأوَّلُ، فَلَزِمَهُ الدَّمُ، كما لو حَلَقَ قبل يومِ النَّحْرِ. ولَنا، ما رَوَى عبدُ اللهِ بن عمرو (٣١)، قال: قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، حَلَقْتُ قبلَ أن أذْبَحَ. قال: "اذْبَحْ، ولَا حَرَجَ". فقال آخَرُ: ذَبَحْتُ قبلَ أن أرْمِىَ؟ قال: " ارْمِ، ولَا


(٢٨) فى: باب الخطبة أيام منى، من كتاب الحج. صحيح البخارى ٢/ ٢١٧.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب يوم الحج الأكبر، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٥١. وابن ماجه، فى: باب الخطبة يوم النحر، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠١٦. والإمام أحمد، فى: المسند ٥/ ٤١٢.
(٢٩) انظر تخريج حديثه فى صفحة ١٥٦.
(٣٠) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٤٥.
(٣١) فى ب، م: "عمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>