للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جانبًا منه. وقولُهم: إنَّ الدِّيةَ تجبُ في قَطْعِها من الكُوعِ. قُلْنا (١١): وكذلك تجبُ بقَطْعِ الأصابعِ مُفْرَدةً (١٢)، ولا يجبُ بقَطْعِها من الكُوعِ أكثرُ ممَّا يجبُ في (١٣) قَطْعِ الأصابعِ، والذَّكرُ يجب في قَطْعِه من أصْلِه مثلُ ما يجبُ بقَطْعِ حَشَفَتِه. فأمَّا إذَا قطَع اليَدَ من الكُوعِ، ثم قطَعَها من الْمَرْفِقِ، وجَبَ في المقْطوعِ ثانيًا حُكومةٌ؛ لأنَّه وجَبتْ (١٤) عليه دِيَةُ اليَدِ بالقَطْعِ الأوَّلِ، فوجَبتْ (١٥) بالثَّانى حُكومةٌ، كما لو قطَعَ الأصابعَ ثمَّ قطَعَ الكَفَّ، أو قطَعَ حَشَفَةَ الذَّكرِ ثم قطَعَ بقيَّتَه، أو كما لو فعلَ ذلك اثْنانِ.

فصل: فإنْ جَنَى عليها فأشلَّها، وجَبتْ عليه دِيَتُها؛ لأنَّه فوَّتَ مَنْفَعتَها، فلزِمَتْهُ دِيَتُها، كما لو أعْمَى عَيْنَه مع بقائِها، أو أخْرَسَ لسانَه. وإنْ جَنَى على يَدِه فعوَّجَها، أو نقَصَ قُوَّتَها، أو شانَها، فعليه حُكومةٌ لنَقْصِها. وإن كسرَها ثمَّ انجبرَتْ مُسْتقيمةً، وجَبتْ حُكومةٌ لِشَيْنِها إن شَانَها ذلك، وإن عادَت مُعْوَجَّةً، فالحكومةُ أكثرُ؛ [لأنَّ شَيْنَها أكثرُ] (١٦). وإنْ قال الجانى: أنا أكْسِرُها ثم أجْبُرُها مُسْتقِيمةً. لم يُمَكَّنْ من ذلك؛ لأنَّها (١٧) جِنايةٌ ثانيةٌ. فإنْ كسَرَهَا تَعدِّيًا ثم جَبَرها فاستقامَتْ، لم يسْقُطْ ما وجبَ من الحُكومةِ في اعْوجاجِها؛ لأنَّ ذلك اسْتَقَرَّ حين انْجَبرَتْ عَوْجاءَ، وهذه جنايةٌ ثانيةٌ، والجبْرُ الثَّانى لها دُون الأُولَى، ولا يُشْبِهُ هذا ما إذا ذهَبَ ضَوْءُ عَيْنِه ثُمَّ عادَ؛ لأنَّنا تبيَّنَّا أنَّ الضَّوْءَ لم يذْهَبْ, وإنَّما حالَ دونَه حائلٌ، وههُنا بخلافِه، وتجبُ الحُكومةُ في الكسرِ الثاني؛ لأنَّها (١٨) جِنايةٌ ثانيةٌ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تجبَ؛ لأنَّه أزالَ ضَررَ العِوَجِ منها، فكان


(١١) في ب: "سلمنا".
(١٢) في م: "منفردة".
(١٣) سقط من: ب.
(١٤) في الأصل: "وجب".
(١٥) في الأصل، ب: "وجب".
(١٦) سقط من: ب.
(١٧) في الأصل، ب: "لأنه".
(١٨) في الأصل: "لأنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>