للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّيَةُ، وَفِى الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ" (٣). وفِي كتاب النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِعَمْرو بن حَزمٍ: "وَفِى الْيَدِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ" (٤). ولأنَّ فيهما (٥) جَمالًا ظاهِرًا، ومَنْفعةً كاملةً، وليس في البدنِ مِنْ جِنْسِهما غيرُهما، فكان فِيهما الدِّيَةُ، كالعَيْنَيْنِ. واليدُ التي تجبُ فيها الدِّيةُ منَ الكُوعِ؛ لأنَّ اسمَ اليَدِ عنْدَ الإِطْلاقِ ينْصَرِفُ إليها، بدليلِ أنَّ اللهَ تعالى لمَّا قال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (٦). كان الواجبُ قَطْعَهما (٧) من الكُوعِ، وكذلك التَّيمُّمُ يجبُ فيه مَسْحُ اليَدَيْنِ إلى الكُوعَيْنِ. فإنْ قطَعَ يدَه من فوقِ الكُوعِ، مثل أنْ يقطعَها مِن المَرْفِقِ، أو نصفِ السَّاعدِ، فليس عليه إلَّا دِيَةُ اليَدِ. نَصَّ عليهِ أحمدُ، في روايةِ أبى طالبٍ. وهذا قولُ عَطاءٍ، وقَتادةَ، والنَّخَعِىِّ، وابنِ أبي ليلى، ومالكٍ. وهو قولُ بعضِ أصحابِ الشَّافعىِّ. وظاهرُ مذهبِه عندَ أصحابِه، أنَّه يجبُ معَ دِيَةِ الْيَدِ حُكومةٌ لما زادَ؛ لأنَّ اسمَ اليَدِ لها إلى الكُوعِ، ولأنَّ المَنْفَعةَ المقْصودةَ في اليَدِ، من البَطْشِ والأَخْذِ والدَّفْعِ بالكفِّ، وما زادَ تابعٌ للكَفِّ، والدِّيَةُ تجبُ في قَطْعِها مِن الكُوعِ بغيرِ خلافٍ، فتجبُ في الزَّائدِ حُكومةٌ، كما لو قطعَه بعدَ قَطْعِ الكفِّ، قال أبو الخَطَّابِ: وهذا قولُ القاضِى. ولَنا، أنَّ اليَدَ اسمٌ للجميعِ إلى المَنْكِبِ، بدليلِ قولِه تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (٨). ولما نزَلتْ آيةُ التَّيمُّمِ مسَحَتِ الصَّحابةُ إلى المناكبِ. وقال ثعلبٌ: اليدُ إلى المَنْكِبِ. وفى (٩) عُرْفِ النَّاسِ أنَّ (١٠) جميعَ ذلك يُسمَّى يَدًا، فإذا قَطعَها مِن فوقِ الكُوعِ، فما قطَعَ إلَّا يَدًا، فلا يَلْزَمُه أكثرُ من دِيَتِها، فأمَّا قَطْعُها في السَّرِقةِ؛ فلأنَّ المقْصودَ يحصُلُ (١٠) به، وقَطْعُ بعضِ الشَّىءِ يُسَمَّى قَطْعًا له، كما يُقالُ: قَطَعَ ثوبَه. إذا قطعَ


(٣) أخرجه عبد الرزاق، في: باب اليد والرجل، من كتاب العقول. المصنف ٩/ ٣٨٠.
(٤) تقدم تخريجه، في صفحة ٥.
(٥) في م: "فيها".
(٦) سورة المائدة ٣٨.
(٧) في الأصل: "قطعها".
(٨) سورة المائدة ٦.
(٩) سقطت الواو من: ب.
(١٠) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>