للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةَ" (٢). ولأنَّه أدْرَكَ رَكْعَةً من الجُمُعَةِ، فكان مُدْرِكًا لها، كالمَسْبُوقِ برَكْعَةٍ، ولأنَّ الوَقْتَ شَرْطٌ يَخْتَصُّ الجُمُعةَ، فاكْتُفِىَ به في رَكْعَةٍ، كالجَماعَةِ، وما ذَكَرُوه يَنْتَقِضُ بالجماعةِ، فإنَّه يَكْتَفِى بإدْراكِها في رَكْعَةٍ، فعلى هذا إنْ دَخَلَ وَقْتُ العَصْرِ قبلَ رَكْعَةٍ، فعلى قِياسِ قولِ الْخِرَقِىِّ، تَفْسُدُ، ويَسْتَأْنِفُها ظُهْرًا، كقولِ أبي حنيفةَ. وعلى قولِ أبي إسحاقَ بن شَاقْلا، يُتِمُّها ظُهْرًا. كقولِ الشَّافِعِىِّ، وقد ذَكَرْنا وَجْهَ القَوْلَيْنِ.

فصل: إذا أدْرَكَ من الوَقْتِ ما يُمْكِنُه أن يخْطُبَ، ثم يُصَلِّىَ رَكْعَةً، فقِيَاسُ قولِ الْخِرَقِىِّ، أنَّ له التَّلَبُّسَ بها؛ لأنَّه أدْرَكَ من الوَقْتِ ما يُدْرِكُها فيه. فإن شَكَّ هل أدْرَكَ مِن الوَقْتِ ما يُدْرِكُها به أو لا؟ صَحَّتْ؛ لأنَّ الأصْلَ بَقَاءُ الوَقْتِ وَصِحَّتُها.

٢٨٨ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ دَخلَ والْإِمَامُ يَخْطُبُ، لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ، يُوجِزُ فِيهِما)

وبهذا قال الحسنُ، وابنُ عُيَيْنَةَ، ومَكْحُولٌ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال شُرَيح، وابنُ سِيرِينَ، والنَّخَعِىُّ، وقَتَادَةُ، والثَّوْرِىُّ، ومالِكٌ، واللَّيْثُ، وأبو حنيفةَ: يَجْلِسُ، ويُكْرَهُ له أن يَرْكَعَ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للذى جَاءَ يَتَخَطَّى رِقَابَ الناسِ: "اجْلِسْ، فَقَدْ آذَيْتَ وأنَيْتَ". [رَوَاه ابنُ مَاجَه] (١). ولأن الرُّكُوعَ يَشْغَلُه عن اسْتِماعِ الخُطْبَةِ، فَكُرِه، كَرُكُوعِ غيرِ الدَّاخِلِ. ولَنا، ما رَوَى جَابِرٌ، قال: جاءَ رَجُلٌ والنَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَخْطُبُ النَّاسَ، فقال: "صَلَّيْتَ (٢) يا


(٢) تقدم تخريجه في صفحة ١٨٤.
(١) سقط من: الأصل.
وتقدم تخريجه في صفحة ١٦٧.
(٢) في م: "أو صليت".

<<  <  ج: ص:  >  >>