للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أنْ تَسْأَلَ المَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِها. ونَهَى أنْ يُمْنَعَ الماءَ مَخافَةَ أنْ يُرْعَى الكَلَأُ. يَعْنِى إذا كان فى مكانٍ كَلَأ، وليس يُمْكِنُه الإِقامَةُ لرَعْيِه إلّا بالسَّقْىِ من هذا الماءِ، فيَمْنَعُهم السَّقْىَ، ليَتَوَفَّرَ الكَلَأُ عليه. ورَوَى أبو عُبَيْدَةَ (٦٩) بإسنادِه، عن عُمَرَ، أنّه قال: ابنُ السَّبِيلِ أحَقُّ بالماءِ مِنَ التَّانِى (٧٠) عليه. وعن أبي هُرَيْرَةَ، قال: ابنُ السَّبِيلِ أوَّلُ شارِبٍ. وعن بُهَيْسَةَ، قالتْ: قال أبي: يا رسولَ اللهِ، ما الشَّئُ الذى لا يَحِلُّ مَنْعُه؟ قال: "الْمَاءُ". قال: يا رسولَ اللهِ ما الشَّئُ الذى لا يَحِلُّ مَنْعُه؟ قال: "الْمِلْحُ" (٧١). ولَيْسَ عليه بَذْلُ آلَةِ البِئْرِ مِنَ الحَبْلِ، والدَّلْوِ، والبَكَرَةِ؛ لأنَّه يَخْلُقُ (٧٢)، ولا يَسْتَخْلِفُ غيرَه، بخِلافِ الماءِ. وهذا كُلُّه هو الظّاهِرُ مِن مذهبِ الشّافِعِيِّ. ولا فَرْقَ فيما ذَكَرْنا بينَ البُنْيانِ والصَّحارِى. وعن أحمدَ، أنّه قال: إنّما هذا فى الصّحارِى والبَرِّيَّةِ، دُونَ البُنْيانِ. يعنى أنّ البُنْيانَ إذا كان فيه الماءُ، فليس لأحَدٍ الدُّخُولُ إليه إلَّا بإذْنِ صاحِبِه.

فصل: وهل يَلْزَمُه بَذْلُ فَضْلِ مائِه لزَرْعِ غيرِه؟ فيه روايتانِ؛ إحْداهما، لا يَلْزَمُه (٧٣) بَذْلُه. وهو مذهبُ الشّافِعِيِّ؛ لأنّ الزَّرْعَ لا حُرْمَةَ له فى نَفْسِه، ولهذا لا يَجِبُ على صاحِبِه سَقْيُه، بخِلافِ الماشِيَةِ. والثَّانيةُ، يَلْزَمُه بَذْلُه لذلك؛ لما رُوِىَ


= فى: باب ما جاء فى بيع فضل الماء، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٧٣. وابن ماجه، فى: باب النهى عن منع فضل الماء ليمنع به الكلأ، من كتاب الرهون. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٢٨. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٤٦٣.
(٦٩) فى: الأموال ٢٩٧.
(٧٠) فى النسخ: "البانى" والتصويب من: الأموال. والتانى: الفلاح. والتناوة: الفلاحة.
(٧١) أخرجه أبو داود، فى: باب ما لا يجوز منعه، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود ١/ ٣٨٨. والدارمى، فى: باب فى الذى لا يحل منعه، من كتاب البيوع. سنن الدارمى ٢/ ٢٦٩، ٢٧٠. والإِمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٤٨٠، ٤٨١.
(٧٢) أى: يبلى.
(٧٣) فى م: "يلزم".

<<  <  ج: ص:  >  >>