للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي؛ أنَّ ما كان يُقْصَدُ وَزْنُه بَعْدَ عملِه كالأسْطالِ (٢٠) ففيه الرِّبا، وما لا (٢١) فلا.

فصل: ويَجْرِى الرِّبا في لَحْمِ الطَّيْرِ، وعن أبي يوسفَ: لا يَجْرِي فيه؛ لأنَّه يُباعُ بغيرِ وَزْنٍ. ولَنا، أنه لَحْمٌ فجَرَى فيه الرِّبا، كسَائِر اللُّحْمَانِ. وقولُه: لا يُوزَنُ. قلنا: هو مِن جِنْسِ ما يُوزَنُ، ويُقْصَدُ ثِقْلُهُ، وتَخْتَلِفُ قِيمَتُه بِثِقْلِه وخِفَّتِه، فأشْبَهَ ما يُباعُ مِن الخُبْزِ بالعَدَدِ.

فصل: والجَيِّدُ والرَّدِىءُ، والتِّبْرُ والمَضْرُوبُ، والصَّحِيحُ والمَكْسُورُ، سواءٌ في جوازِ البَيْعِ مع التَّماثُلِ، وتَحْرِيمِه مع التَّفاضُلِ. وهذا قولُ أكْثَرِ أهلِ العلمِ، منهم؛ أبو حنيفةَ، والشَّافِعيُّ. وحُكِيَ عن مالِكٍ جوازُ بَيْعِ المَضْرُوبِ بِقيمَتِه من جِنْسِه، وأنْكَرَ أصحابُه ذلك، ونَفَوْهُ عنه. وحَكَى بعضُ أصحابِنا عن أحمدَ رِوايَةً، لا يجوزُ (٢٢) بَيْعُ الصِّحاحِ بالمُكَسَّرَةِ. ولأنّ لِلصِّناعَةِ قِيمَةً؛ بِدَلِيلِ حالةِ الإتلافِ، فيَصِيرُ كأنه ضَمَّ قِيمَةَ الصِّناعَةِ إلى الذَّهَبِ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الذَّهَبُ بالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، والْفِضَّةُ بالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ" (٢٣). وعن عُبادَةَ، عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرُهَا وَعَيْنُها". رواه أبو دَاوُدَ (٢٤). ورَوَى مُسْلِمٌ (٢٥)، عن أبي الأشْعَثِ، أنّ مُعاوِيَةَ أمَرَ بِبَيْعِ آنِيَةٍ مِن فِضَّةٍ في أُعْطِياتِ الناسِ، فَبَلَغَ عُبادَةَ فقال: إنِّي (٢٦) سَمِعْتُ


(٢٠) الأسْطال: جمع سَطْل، وهو إناء من معدن كالمِرْجَل، له علاقة كنصف الدائرة مركبة في عروتين.
(٢١) في الأصل: "وإلا".
(٢٢) في الأصل: "أنه".
(٢٣) تقدم تخريجه في صفحة ٥٤.
(٢٤) في: باب في الصرف، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٢٢، ٢٢٣.
كما أخرجه النسائي، في: باب بيع الشعير بالشعير، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٤٢، ٢٤٣.
(٢٥) تقدم تخريجه في صفحة ٥٤.
(٢٦) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>