للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَطْءِ فى الفَرْجِ على انتفَاءِ الوَلَدِ أشَدُّ من دلالةِ مُخالفةِ الوَلَدِ لَوْنَ والِدَيْه. فأمَّا إن وُجِدَ أحَدُ هذه الوُجُوهِ التى ذكَرْنا مع الزِّنَى، ويَحْتَمِلُ كَوْنُه منه أو من الزَّانِى، مثل أَن زَنَتْ فى طُهْرٍ أصَابَها فيه، أو زَنَتْ فلم يَعْتَزِلْها، ولكنه كان يَعْزِلُ عنها، أو كان لا يَطَؤُها إلَّا دونَ الفَرْجِ، لو كان الولدُ شَبِيهًا بالزَّانِى دُونَه، لَزِمَه نَفْيُه؛ لأنَّ هذا مع الزِّنَى يُوجِبُ نِسْبَتَه إلى الزَّانِى، بدليلِ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَكَمَ بولدِ امرأةِ هِلالٍ لشَرِيكِ بن سَحْماء، بشَبَهِه له، مع لِعانِ هلالٍ لها، وقَذْفِه إيَّاها. وأمَّا إذا أتَتْ زَوْجَتُه بولدٍ، فشَكَّ فيه من غير مَعْرِفَتِه لِزِنَاها، فلا يَحِلُّ له قَذْفُها، ولا لِعانُها؛ لما تقَدَّمَ من حديثِ الفَزَارِىّ. وكذلك إن عَرَفَ زِناهَا، ولم يَعْلَمْ أَنَّ الوَلَدَ من الزَّانِى، ولا وُجِدَ دَلِيلٌ عليه، فليس له نَفْيُه؛ لأنَّ الولَدَ للفِرَاشِ وللعاهِرِ الحَجَرُ.

فصل: فإن أُكْرِهَتْ زَوْجَتُه على الزِّنَى فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، فأتَتْ بوَلَدٍ يُمْكِنُ أَن يكونَ من الواطِئ، فهو منه، وليس للزَّوْجِ قَذْفُها بالزِّنَى؛ لأنَّ هذا ليس بزِنًى منها. وقياسُ المذهبِ أنَّه ليس له نَفْيُه، ويَلْحَقُه النَّسَبُ؛ لأنَّ نَفْىَ الولدِ لا يكونُ إلَّا باللِّعانِ، ومِن شَرْطِ اللِّعانِ القَذْفُ، ولأنَّ اللِّعانَ لا يَتِمُّ إلَّا بلِعانِ المرأةِ، ولا يَصِحُّ اللعانُ من المرأةِ ههُنا؛ لأنَّها لا تُكَذِّبُ الزَّوْجَ فى إكْراهِها على ذلك. وهذا قولُ أصحابِ الرَّأْىِ. وذكر بعضُ أصحابِنا أَنَّ (٢٠) فى ذلك روايتَيْنِ؛ إحداهما، له نَفْيُه باللِّعانِ؛ لأنَّه مُحْتاجٌ إلى نَفْيِه، فكان له نَفْيُه، كما لو زَنَتْ مُطاوِعةً. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. وهذا إنَّما يَصِحُّ عند الشافعىِّ لأنَّه يَرَى نَفْىَ الوَلَدِ بلِعانِ الزَّوْجِ وحدَه. وأما مَنْ لا يَرَى ذلك، فلا يَصِحُّ عنده النَّفْىُ باللِّعانِ ههُنا. واللَّه تعالى أعلم.

١٣٣٣ - مسألة؛ قال: (وإِنْ نَفَى الحَمْلَ فى الْتِعَانِهِ، لَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ (١) حَتَّى يَنْفِيَهُ عِنْدَ وَضْعِهَا لَهُ، ويُلَاعِنَ)


(٢٠) سقط من: أ، م.
(١) سقط من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>