للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَمْعَةَ، ورأى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِهِ (١٣) شَبَهًا بَيِّنًا بعُتْبَةَ، أَلْحَقَ الوَلدَ بالفِرَاشِ، وَتَرَكَ الشَّبَهَ (١٤). وهذا اختيارُ أبى عبدِ اللَّه ابن حامد، وأحدُ الوَجْهَيْنِ لأصْحابِ الشافعىِّ. وذكر القاضى، وأبو الخطَّابِ أَنَّ ظاهِرَ كلامِ أحمدَ، جوازُ نَفْيِه. وهو الوَجْهُ الثانِى لأصحابِ الشافعىِّ، لقوْلِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى حديث اللِّعَانِ: "إنْ جاءَتْ به أوْرَقَ جَعْدًا جُماليًّا خَدَلَّجَ الساقَيْنِ سابغَ الألْيَتَيْنِ، فَهُوَ لِلَّذِى رُمَيْت بِه". فأتَتْ به على النَّعْتِ المَكْرُوهِ، فقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لوْلا الأَيْمانُ، لَكان لى ولها شَأْنٌ (١٥) ". فجَعَلَ الشَّبَهَ دليلًا على نَفْيِه عنه، [والصحيحُ الأَوَّلُ. وهذا الحديثُ إنَّما يَدُلُّ على نَفْيِه عنه] (١٦)، مع ما (١٧) تقدَّمَ من لِعانِهِ ونَفْيِه إيَّاهُ (١٧) عن نَفْسِه، فجعلَ الشَّبَه مُرَجِّحًا لقولِه، ودليلًا على تَصْدِيِقِه، وما تقَدّمَ من الأحاديثِ يدُلُّ على عَدَمِ اسْتِقْلالِ الشَّبَهِ بالنَّفْىِ، ولأنَّ هذا كان فى موضِع زال الفِرَاشُ، وانْقَطَعَ نَسَبُ الولدِ عن صاحِبِه، فلا يَثْبُتُ مع بَقَاءِ الفِراشِ المُقْتَضِى لُحُوقَ نَسَبِ الولدِ بصاحِبِه. وإن كان يَعْزِلُ عن امْرأتِه، فأتَتْ بوَلدٍ، لم يُبَحْ له نَفْيُه؛ لما ذكَرْنا من حديثِ جابرٍ وأبى سَعِيدٍ (١٨). وعن أبى سعيدٍ، أنَّه قال: يا رَسُولَ اللَّه، إنَّا نُصِيبُ من النِّساءِ، ونُحِبُّ الأثْمانَ، أفَنَعْزِلُ عَنْهُنَّ؟ قال: "إِنَّ اللَّه إذَا قَضَى خَلْقَ نَسَمَةٍ خَلَقَها". ولأنَّه قد يَسْبِقُ من الماء ما لا يُحِسُّ به فتَعْلَقُ. وأمَّا إن كان لا يَطَؤُها إلَّا دُونَ الفَرْجِ، أو فى الدُّبُرِ، فأتَتْ بولدٍ، فذَكَر أصحابُنا أنَّه ليس له نَفْيُه؛ لأنَّه لا يَأْمَنُ أَنَّ يَسْبِقَ الماءُ إلى الفَرْجِ فيَعْلَقَ به. وهذا أحدُ الوَجْهَيْنِ لأصْحابِ الشافعىِّ. وهو بعيدٌ، لأنَّه من أحْكامِ الوَطْءِ فى الفَرْجِ، فلا يتَعَلَّقُ (١٩) بما دُونَه كسائرِ الأحْكام، ودَلَالةُ عَدَمِ


(١٣) فى أ، م: "فيه".
(١٤) تقدم تخريجه، فى: ٧/ ٣١٦.
(١٥) تقدم تخريجه، فى: ٨/ ٣٧٣.
(١٦) سقط من: ب. نقل نظر.
(١٧) سقط من: أ، ب، م.
(١٨) تقدم التخريج، فى: ١٠/ ٢٢٩.
(١٩) فى ب زيادة: "به".

<<  <  ج: ص:  >  >>