للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالتْ: بل بعدَ الوَضْعِ، فلِىَ النَّفقةُ، ولك الرَّجْعةُ. فالقولُ قولُها؛ لأنَّ الأصلَ بَقاءُ النَّفقةِ، وعَدَمُ المُسْقِطِ لها، وعليها العِدَّةُ، ولا رَجْعةَ للزَّوجِ؛ لإِقْرارِه بعَدمِها. وإن رجَعَ (٥٤) فصَدّقَها، فله الرَّجْعةُ؛ لأنَّها مُقِرَّةٌ له بها. ولو (٥٥) قال: طَلَّقْتُكِ بعدَ الوَضْعِ، فلِىَ الرَّجْعةُ، ولك النَّفقةُ. وقالتْ: بل وأنا حامِلٌ. فالقولُ قولُه؛ لأنَّ الأصلَ بقاءُ الرَّجْعةِ، ولا نَفقةَ لها، ولا عِدَّةَ عليها؛ لأنَّها حَقٌّ للَّه (٥٦) تعالى، فالقولُ قولُها فيها. وإن عاد فصدَّقها، سَقَطَتْ رَجْعَتُه، ووَجَبَ لها النَّفقةُ. هذا في ظاهِرِ الحُكْمِ، فأمَّا فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى، فيَنْبَنِى على ما يَعْلَمُه من حقيقةِ الأمْرِ دُونَ ما قالَه.

فصل: وإن طَلَّقَ الرَّجلُ امرأتَه، فادَّعتْ أنَّها حاملٌ، لتكونَ لها النَّفقةُ، أنْفَقَ عليها ثلاثةَ أشْهُرٍ، ثم تُرَى القَوَابِلَ بعد ذلك؛ لأنَّ الحملَ (٥٧) يَبِينُ بعدَ ثلاثةِ أشْهُرٍ، إلَّا أن تَظْهَرَ براءَتُها من الحملِ بالحَيْضِ أو بغيرِه، فتَنْقَطِعَ نفقتُها، كما تَنْقطعُ إذا قال القوابلُ: ليست حامِلًا. ويَرْجِعُ عليها بما أنْفَقَ؛ لأنَّها أخَذَتْ منه ما لا تَسْتَحِقُّه، فرَجَعَ عليها، كما لو ادَّعَتْ عليه دَيْنًا وأخَذَتْه منه، ثم تَبَيَّنَ كَذِبُها. وعن أحمدَ، روايةٌ أخْرَى: لا يَرْجِعُ عليها؛ لأنَّه أنْفَقَ عليها بحُكْمِ آثارِ النكاحِ، فلم يَرْجِعْ به، كالنَّفقةِ في النكاحِ الفاسدِ (٥٨) إذا تبَيَّنَ فسادُه. وإن عَلِمَتْ براءَتَها من الحملِ بالحَيْضِ، فكَتَمَتْه، فينْبَغِى أن يَرْجِعَ عليها، قولًا واحدًا؛ لأنَّها أخَذَتِ (٥٩) النَّفقةَ مع عِلْمِها بِبَراءتِه (٦٠) منها (٦١) كما لو أخَذَتْها من مالِه بغيرِ عِلْمِه. وإن ادَّعَتِ الرَّجْعِيَّةُ الحَمْلَ، فأنْفَقَ عليها أكثرَ من مُدَّةِ عِدَّتِها، رَجَعَ عليها بالزِّيادةِ، ويُرْجَعُ في مُدَّةِ العِدَّةِ إليها؛ لأنَّها أعْلَمُ بها، فالقولُ قولُها


(٥٤) في أ، ب، م: "راجع".
(٥٥) في م: "وإن".
(٥٦) في ب، م: "اللَّه".
(٥٧) في أ: "الحامل".
(٥٨) سقط من: ب.
(٥٩) في ب، م: "أخذ".
(٦٠) في الأصل: "براءته". وفي م: "ببراءتها".
(٦١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>