للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ رَدَّ عَبْدَىَّ فله دِينارٌ. فرَدَّ أحَدَهُما، فله نِصْفُ الدِّينارِ؛ لأنَّه رَدَّ نِصْفَ العَبْدَيْنِ. وإن رَدَّ العَبْدَ من غير البَلَدِ المُسَمَّى، فلا شىءَ له؛ لأنَّه لم يَجْعَلْ في رَدِّه منه شيئا، فأشْبَهَ ما لو جَعَلَ في رَدِّ أحَدِ عَبْدَيهِ شيئا فرَدَّ الآخَرَ. ولو قال: من رَدَّ عَبْدِى فله دِينارٌ. فرَدَّه إنْسانٌ إلى نِصْفِ الطَّرِيقِ، فهَرَبَ منه، لم يَسْتَحِقَّ شيئا؛ لأنَّه شَرَطَ الجُعْلَ بِرَدِّه، ولم يَرُدَّه. وكذلك لو ماتَ. كما لو اسْتَأْجَرَهُ (١٥) لخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، فخَاطَه، ولم يُسَلِّمْه حتى تَلِفَ، لم يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً. فإن قيل: فإن كان الجاعِلُ قال: من وَجَدَ لُقَطَتِى فله دِينارٌ. فقد وُجِدَ الوِجْدَانُ؟ قُلْنا: قَرِينَةُ الحالِ تَدُلُّ على اشْتِراطِ الرَّدِّ، [إذ المَقْصُودُ الرَّدُّ لا] (١٦) الوِجْدَانُ المُجَرّدُ، وإنَّما اكْتُفِىَ بِذِكْرِ الوِجْدانِ لأنَّه سَبَبُ الرَّدِّ، فصارَ كأنَّه قال: من وَجَدَ لُقَطَتِى فرَدَّها عَلَىَّ.

فصل: والجُعَالةُ تُسَاوِى الإِجَارَةَ في اعْتِبارِ العِلْمِ بالعِوَضِ، وما كان عِوَضًا في الإِجَارةِ جازَ أن يكونَ عِوَضًا في الجُعالَةِ، وما لا فلا، وفى أن ما جازَ أخْذُ العِوَضِ عليه في الإِجَارةِ، من الأعْمالِ، جازَ أخْذُه عليه في الجَعَالَةِ، وما لا يجوزُ أخْذُ الأُجْرَةِ عليه في الإِجَارةِ، مثل الغِنَاءِ والزَّمْرِ وسائِر المُحَرَّماتِ، لا يجوزُ أخْذُ الجُعْلِ عليه، وما يَخْتَصُّ فاعِلُه أن يكونَ من أهْلِ القُرْبةِ، ممَّا لا يَتَعَدَّى نَفعُه (١٧) فاعِلَه، كالصَّلَاةِ والصِّيَامِ، لا يجوزُ أخْذُ الجُعْلِ عليه، فإن كان ممَّا يَتَعَدَّى نَفْعُه، كالأذَانِ والإِقَامةِ والحَجِّ، ففيه وَجْهانِ، كالرِّوَايَتَيْنِ في الإِجَارَةِ. ويُفارِقُ الإِجَارَةَ في أنَّه عَقْدٌ جائِزٌ، وهى لازِمَةٌ، وأنَّه لا يُعْتَبَرُ العِلْمُ بالمُدَّةِ، ولا بمِقْدارِ العَمَلِ، ولا يُعْتَبَرُ وُقُوعُ العَقْدِ مع واحدٍ مُعَيَّنٍ. فعلى هذا متى شَرَطَ عِوَضًا مَجْهُولًا، كقولِه: إن رَدَدْتَ عَبْدِى فلَكَ ثَوْبٌ، أو فلَكَ سَلَبُه. أو شَرَطَ عِوَضًا مُحَرَّمًا، كالخَمْرِ والْحُرِّ، أو غير مَقْدُورٍ عليه،


(١٥) في م: "استأجر".
(١٦) في م: "والمقصود هو الرد".
(١٧) في الأصل: "نفع".

<<  <  ج: ص:  >  >>