للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا أحمدُ. وقال أبو حنيفةَ، والشافِعِيُّ: لا يُسْهَمُ للفرسِ؛ لأنَّه تحْتَ مَنْ لا يُسْهَمُ له، فلم يُسْهَمْ له، كما لو كان تَحْتَ مُخَذِّلٍ. ولَنا، أنَّه فرَسٌ حَضَرَ الوقْعَةَ، وقُوتِلَ عليه، فاسْتَحَقَّ السَّهْمَ، كما لو كان السَّيِّدُ راكِبَه. وإذا (٥) ثَبَتَ هذا، فإنَّ سَهْمَ الفَرَسِ ورَضْخَ العَبْدِ لسَيِّدِه؛ لأنَّه مالِكُه ومالِكُ فرَسِه، وسواءٌ حضَرَ السَّيِّدُ القتالَ أو غابَ عنه. وفارَقَ فرسَ المُخَذِّلِ؛ لأنَّ الفرَسَ له، فإذا لم يسْتحِقَّ شيئًا بحُضورِه، فلأنْ لا يسْتحِقَّ بحُضورِ فرَسِه أوْلَى.

فصل: وإنْ غَزَا الصَّبِىُّ على فَرَسٍ، أو المرأَةُ أو الكافِرُ، إذا قُلْنا: لا يَسْتَحِقُّ إلَّا الرَّضْخَ. لم يُسْهَمْ للفَرَسِ، فى ظاهرِ قولِ أصحابِنا؛ لأنَّهم قالُوا: لا يبْلُغُ بالرَّضْخِ للفارِسِ سَهْمَ فارِسٍ. وظاهِرُ هذا أنَّه يُرْضَخُ له ولفَرَسِه ما لا يَبْلُغُ سهمَ الفارِسِ. ولأنَّ سَهْمَ الفَرَسِ له، فإذا لم يسْتَحِقَّ السَّهْمَ بحُضورِه، فبِفَرَسِه أوْلَى، بخلافِ العبدِ، فإنَّ الفرَسَ لغيرِه.

فصل: وإنْ (٦) غَزا الْمُرْجِفُ أو المُخَذِّلُ على فرسٍ، فلا شىءَ له، ولا للفَرَسِ؛ لما ذكَرْنا، وإنْ غَزا العَبْدُ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، لم يُرْضَخْ له، لأنَّه عاصٍ بغَزْوِه، فهو كالمُخَذِّلِ والمُرْجِفِ، وإنْ غَزَا الرجلُ بغيرِ إذنِ والِدَيْه، أو بغيرِ إذْنِ غَريمِه، اسْتَحَقَّ السَّهْمَ؛ لأنَّ الجهادَ يتعيَّنُ عليه بحُضورِ الصَّفِّ، فلا يَبْقَى عاصِيًا فيه، بخلافِ العبدِ.

فصل: ومَن اسْتعارَ فرسًا لِيغْزُوَ عليه، ففَعَلَ، فسَهْمُ الفرسِ للمُسْتَعِيرِ، وبهذا قال الشافِعِىُّ، لأنَّه مُتَمَكِّنٌ (٧) من الغَزْوِ عليه بإذْنٍ صحيحٍ شَرْعِىٍّ، فأشْبَهَ ما لو اسْتَأْجَرَه. وعن أحمد، رِوايَةٌ أخْرَى، أنّ سَهْمَ الفرَسِ لمالِكِه، لأنَّه من نَمائِه، فأشْبَهَ ولدَه. وبهذا قال بعضُ الحَنَفِيَّةِ. وقال بعضُهم: لا سَهْمَ للفرَسِ؛ لأنَّ مالِكَه لم يسْتَحِقَّ سَهْمًا، فلم يسْتَحِقَّ للفرَسِ (٨) شيئًا، كالمُخَذِّلِ والمُرْجِفِ، والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّه فرَسٌ قاتَلَ عليه


(٥) فى أ، ب، م: "إذا".
(٦) فى م: "وإذا".
(٧) فى ب، م: "يتمكن".
(٨) فى أ: "الفرس".

<<  <  ج: ص:  >  >>