للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَقِىَ ما لا يَعْدِلُ يَومًا (١٩) كدُونِ المُدِّ، صامَ عنه (١٩) يومًا كَامِلًا. كذلك قال عَطاءٌ، والنَّخَعِىُّ، وحَمَّادٌ، والشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ولا نَعْلَمُ أحَدًا خَالَفَهُم؛ لأنَّ الصَّوْمَ لا يَتَبَعَّضُ، فيَجِبُ تَكْمِيلُه. ولا يَجِبُ التَّتابُعُ في الصِّيامِ. وبه قال الشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأىِ؛ فإنَّ اللهَ تعالى أمَرَ به مُطْلَقًا، فلا يَتَقَيَّدُ بِالتَّتابُعِ من غيرِ دَلِيلٍ. ولا يجوزُ أن يَصُومَ عن بَعْضِ الجَزاءِ، ويُطْعِمَ عن بَعْضٍ. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال الشَّافِعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ. وجَوَّزَه محمدُ بن الحسنِ إذا عَجَزَ عن بَعْضِ الإِطْعامِ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّها كَفَّارَةٌ واحِدَةٌ، فلا يُؤَدِّى بَعْضَها بالإِطْعامِ وبَعْضَها بِالصِّيَامِ، كسَائِرِ الكَفَّاراتِ.

فصل: وما لا مِثْلَ له من الصَّيْدِ، يُخَيَّرُ قَاتِلُه بين أن يَشْتَرِىَ بِقِيمَتِه طَعَامًا، فيُطْعِمَه لِلْمَسَاكِينِ، وبين أن يَصُومَ. وهل يجوزُ إخْرَاجُ القِيمَةِ؟ فيه احْتِمالانِ؛ أحَدُهما، لا يجوزُ. وهو ظَاهِرُ كلامِ (٢٠) أحْمَدَ، في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، فإنَّه قال: إذا أصابَ المُحْرِمُ صَيْدًا، ولم يُصِبْ له عَدْلًا حَكَمَ (٢١) عليه؛ قَوَّمَ طَعَامًا إن قَدَرَ على طَعَامٍ، وإلَّا صَامَ لِكلِّ (١٩) نصفِ صَاعٍ يَوْمًا. هكذا يُرْوَى عن ابْنِ عَبّاسٍ. ولأنَّه جَزَاءُ صَيْدٍ، فلم يَجُزْ إخْراجُ القِيمَةِ فيه، كالذى له مِثْلٌ، ولأنَّ اللَّه تعالى خَيَّرَ بَين ثلاثةِ أشْياءَ ليس منها (٢٢) القِيمَةُ، وإذا عَدِمَ أحَدَ الثَّلَاثَةِ يَبْقَى التَّخْيِيرُ بين الشَّيْئَيْنِ البَاقِيَيْنِ، فأمَّا إيجابُ شىءٍ غيرِ المَنْصُوصِ عليه (١٩) فلا. الثاني، يجوزُ إخْرَاجُ القِيمَةِ؛ لأنَّ عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، قال لِكَعْبٍ: ما جَعَلْتَ على نَفْسِكَ؟ قال: دِرْهَمَيْنِ. قال: اجْعَلْ ما جَعَلْتَ على نَفْسِكَ (٢٣). وقال عَطاءٌ: في العُصْفُورِ


(١٩) سقط من: ب، م.
(٢٠) في ب، م: "قول".
(٢١) فى ب، م: "يحكم به".
(٢٢) في ب، م: "بها".
(٢٣) تقدم تخريجه في صفحة ٤٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>