للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْفَعُ إليه في كَفَّارَةِ اليَمِينِ، فأمَّا بَقِيَّةُ الأَصْنافِ فَنِصْفُ صَاعٍ لكل مِسْكِينٍ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال في إطْعَامِ المَسَاكِينِ في الفِدْيَةِ، وجَزاءِ كَفَّارَةِ اليَمِينِ: إن أطْعَمَ بُرًّا، فَمُدُّ طَعامٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ. وإن أطْعَمَ تَمْرًا فنِصْفُ صاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ. وأطْلَقَ الخِرَقِيُّ مُدًّا (١٣) لِكُلِّ مِسْكِينٍ، ولم يُفَرِّقْ. والأوْلَى أنَّه لا يُجْزِئُ من غيرِ البُرِّ أقَلُّ من نِصْفِ صاعٍ، إذْ لم يَرِدِ الشَّرْعُ في مَوْضِعٍ بأقَلَّ من ذلك في طُعْمَةِ المَسَاكِينِ، ولا تَوْقِيفَ فيه، فيُرَدُّ إلى نَظائِرِه. ولا يُجْزِئُ إخْرَاجُ [الطَّعامِ إلّا لِمَساكِينِ الحَرَمِ] (١٤)؛ [لأنَّه قائِمٌ مَقامَ] (١٥) الهَدْىِ الوَاجِبِ لهم فيكون أيضا لهم، كقِيمَةِ (١٦) المِثْلِىِّ من مالِ الآدَمِىِّ. الفصلُ الرَّابعُ في الصِّيَامِ، فعن أحمدَ أنَّه يَصُومُ عن كلِّ مُدٍّ يَوْمًا. وهو ظاهِرُ (١٧) قَوْلِ عَطاءٍ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّها كَفَّارَةٌ دَخَلَها الصِّيَامُ والإِطْعَامُ، فكان اليَوْمُ في مُقَابَلَةِ المُدِّ، ككَفَّارَةِ الظِّهارِ. وعن أحمدَ، أنَّه يَصُومُ عن كلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، وهو قَوْلُ [ابنِ عَبَّاسٍ] (١٨)، والحسنِ، والنَّخَعِيِّ، والثَّوْرِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، وابْنِ المُنْذِرِ. قال القاضى: المَسْألَةُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، واليومُ عن مُدِّ بُرٍّ أو نِصْفِ صَاعٍ من غيرِه، وكَلَامُ أحْمَدَ في الرِّوَايَتَيْنِ مَحْمُولٌ على اخْتِلافِ الحَالَيْنِ؛ لأنَّ صَوْمَ اليَوْمِ مُقَابَلٌ بإطْعامِ المِسْكِينِ، وإطعامُ المِسْكِينِ مُدُّ بُرٍّ أو نِصْفُ صَاعٍ من غيرِه، ولأنَّ اللهَ تعالى جَعَلَ اليومَ في كَفِّارَةِ الظِّهارِ في مُقَابَلَةِ إطْعامِ المِسْكِينِ، فكذا هاهُنا. وَرُوِىَ عن أبي ثَوْرٍ، أنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ من الطَّعامِ والصِّيامِ مثلُ كَفَّارَةِ الأذَى. ورُوِىَ ذلك عن ابْنِ عَبّاسٍ. ولَنا، أنَّه جَزَاءٌ عن مُتْلَفٍ فاخْتلَفَ بِاخْتِلَافِه، كبَدَلِ مَالِ الآدَمِيِّ، وإذا


(١٣) سقط من: ب، م.
(١٤) في ب، م: "إخراج لمساكين غير الحرم".
(١٥) في ب، م: "لأن قيمة".
(١٦) في الأصل: "كقيم".
(١٧) سقط من: الأصل، أ.
(١٨) في ب، م: "ابن عقيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>