للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوزُ صَرْفُه إليهم لا يكونُ طعاما لهم، وعَطَفَ الطَّعامَ على الهَدْىِ، ثم عَطفَ الصِّيَامَ عليه، ولو لم يكنْ خَصْلَةً من خِصَالِهَا لم يَجُزْ ذلك فيه. ولأنَّها كَفَّارَةٌ ذُكِرَ فيها الطَّعَامُ، فكان من خِصَالِها، كسَائِرِ الكَفَّاراتِ. وقولُهُم: إنها وَجَبَتْ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ. يَبْطُلُ بِفِدْيَةِ الأذَى. على أنَّ لَفْظَ النَّصِّ صَرِيحٌ في التَّخْيِيرِ، فليس ترْكُ مَدْلُولِه قِيَاسًا على هَدْىِ المُتْعَةِ بِأوْلَى من العَكْسِ، [فكما لا] (٩) يجوزُ قِياسُ هَدْىِ المُتْعَةِ في التَّخْيِيرِ على هذا، لما يَتَضَمَّنُه من تَرْكِ النَّصِّ، كذا هاهُنا. الفصلُ الثانى أنَّه (١٠) إذا اخْتارَ المِثْلَ، ذَبَحَهُ، وتَصَدَّقَ به على مَسَاكِينِ الحَرَمِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}. ولا يُجْزِئُه أن يَتَصَدَّقَ به حَيًّا على المَسَاكِينِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى سَمَّاهُ هَدْيًا، والهَدْىُ يَجِبُ ذَبْحُه، وله ذَبْحُه أيَّ وَقْتٍ شاءَ، ولا يَخْتَصُّ ذلك بِأَيَّامِ النَّحْرِ. الفصلُ الثَّالِثُ، أنَّه متى اخْتارَ الإِطْعامَ، فإنَّه يُقَوِّمُ المِثْلَ بِدَرَاهِمَ، والدَّرَاهِمَ بِطَعامٍ، ويَتَصَدَّقُ به على المَساكِينِ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال مالِكٌ: يُقَوِّمُ الصَّيْدَ لا المِثْلَ؛ لأنَّ التَّقْوِيمَ إذا وَجَبَ لِأجْلِ الإِتْلافِ، قُوِّمَ المُتْلَفُ، كالذي لا مِثْلَ له. ولَنا، أنَّ كُلَّ [ما تَلِفَ] (١١) وَجَبَ فيه المِثْلُ إذا قُوِّمَ لَزِمَتْ قِيمَةُ مِثْلِه، كالمِثْلِىِّ من مالِ الآدَمِىِّ، ويَعْتَبِرُ قِيمَةَ المِثْلِ في الحَرَمِ؛ لأنَّه [مَحِلُّ إخْرَاجِه] (١٢)، ولا يُجْزِئُ إخْرَاجُ القِيمَةِ؛ لأنَّ اللَّه تعالى خَيَّرَ بَين ثلاثةِ أشْياءَ ليستِ القِيمَةُ منها، والطَّعَامُ المُخْرَجُ هو الذي يُخْرَجُ في الفِطْرَةِ وفِدْيَةِ الأذَى، وهو الحِنْطَةُ والشَّعِيرُ والتَّمْرُ والزَّبِيبُ. ويَحْتَمِلُ أن يُجْزِئ كُلُّ ما يُسَمَّى طَعَامًا؛ لِدُخُولِه في إطْلاقِ اللَّفْظِ، ويُعْطِى كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا من البُرِّ، كما


(٩) في ب، م: "فلا".
(١٠) سقط من: ب، م.
(١١) في أ: "متلف".
(١٢) في ب، م: "يحل إحرامه".

<<  <  ج: ص:  >  >>