للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقْضِهم، بخلافِ أهلِ الهُدْنَةِ، فإنَّه يُخافُ منهم الغارَةُ على المسلمين، والضَّرَرُ الكثير بأخْذِهم للمسلمين.

فصل: وإذا عَقَدَ الهُدْنَةَ، فعليه حِمايَتُهم من المسلمين وأهلِ الذِّمَّةِ؛ لأنَّه آمَنَهُم مِمَّن (٤٠) هو فى قَبْضَتِه وتحتَ يَدِه، كما أمَّنَ مَنْ فى قَبْضَتِه منهم. ومَن أَتْلَفَ من المسلمين أو مِن (٤١) أهلِ الذِّمَّةِ عليهم شيئًا، فعليه ضَمانُه، ولا تَلْزَمُه حِمايَتُهم من أهلِ الحَرْبِ، ولا حمايةُ بعضهم من بعضٍ؛ لأنَّ الهُدْنَةَ الْتِزامُ الكَفِّ عنهم فقط. فإنْ أغارَ عليهم قومٌ آخرون فسَبَوْهُم، لم يَلْزَمْه اسْتِنْقاذُهم، وليس للمسلمين شِراؤُهم؛ لأنّهم فى عَهْدِهم، فلا يجوزُ لهم أذاهُم ولا اسْتِرْقاقُهم. وذكر الشافِعِىُّ ما يدُلُّ على هذا. ويَحْتَمِلُ جوازَ ذلك. وهو مذهبُ أبي حنيفةَ، لأنَّه لا يجِبُ أنْ يدْفَعَ عنهم، فلا يَحْرُمُ اسْتِرْقاقُهم، بخلافِ أهلِ الذِّمَّةِ. فعلى هذا، إن اسْتَوْلَى المسلمون على الذين أسَرُوهُم، وأخَذُوا أموالَهم، فاسْتنقذُوا ذلك منهم، لم يلزَمْ رَدُّه إليهم، على هذا القَوْلِ. ومُقْتَضَى (٤٢) القولِ الأوَّلِ وُجوبُ رَدِّه، كما تُرَدُّ أمْوالُ أهلِ الذِّمَّةِ إليهم.

فصل: وإذا عَقَدَ الهُدْنَةَ مُطْلقًا، فجاءَنا منهم إنسانٌ مُسْلِمًا أو بأمانٍ، لم يجِبْ ردُّه إليهم، ولم يجُزْ ذلك، سواءٌ كان حُرًّا أو عبدًا، أو رجلًا أو امرأةً. ولا يجبُ رَدُّ مَهْرِ المرأةِ. وقال أصْحابُ الشافِعِىِّ: إنْ خَرَجَ العَبْدُ إلينا قبلَ إسْلامِه، [ثمَّ أسْلَمَ] (٤٣)، لم يُرَدَّ إليهم، وإنْ أسْلَم قبلَ خُروجِه، ثمَّ خَرَجَ إلينا، لم يَصِرْ حُرًّا، لأنَّهم فى أمانٍ مِنَّا، والهُدْنَةُ تَمْنعُ من جَوازِ القَهْرِ. وقال الشافِعِىُّ فى [قولٍ له] (٤٤): إذا جاءَت امْرَأَةٌ (٤٥) مُسْلِمةٌ، وجَبَ رَدُّ مَهْرِها، لقولِ اللَّه تعالى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} (٤٦). يعنى رَدَّ المهرِ (٤٧) إلى زَوْجِها إذا


(٤٠) فى الأصل، م: "ممَّا".
(٤١) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٤٢) فى ب: "ويقتضى".
(٤٣) سقط من: م.
(٤٤) فى م: "قوله".
(٤٥) فى م زيادة: "له".
(٤٦) سورة الممتحنة ١٠.
(٤٧) فى م: "مهرها".

<<  <  ج: ص:  >  >>