كتاب المغني لابن قدامة - ت التركي

كتاب الجراح - ١٤١٥ - مسألة؛ قال أبو القاسم، رحمه الله: (والقتل على ثلاثة أوجه؛ عمد، وشبه العمد، وخطأ) - ج: 11 - ص: 444

ولأنَّ لَفْظَ الآيةِ لفظُ الخَبَرِ، والأخبارُ لا (٧) يَدْخُلُها نَسْخٌ ولا تغييرٌ؛ لأنَّ خبرَ اللَّه تعالى لا يكونُ إلَّا صِدْقًا. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٨). فجعَله داخلا في المَشِيئةِ. وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (٩). وفى الحديثِ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إنَّ رَجُلًا قَتَلَ مِائَةَ رَجُلٍ ظُلْمًا، ثُمَّ سَأَلَ: هَلْ لَه منْ تَوْبةٍ؟ فَدُلَّ عَلَى عَالِمٍ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: ومَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ، ولكِن اخْرُجْ مِنْ قَرْيَةِ السَّوْءِ، إلَى القَرْيَةِ الصَّالِحَةِ، فَاعْبُدِ اللهَ فِيهَا. فخَرَجَ تَائِبًا، فأدْرَكَهُ الْمَوْتُ فِي الطَّرِيقِ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَبَعَثَ اللَّه إلَيْهِمْ مَلَكًا، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ، فَإلَى أيِّهمَا كَانَ أقْرَبَ، فَاجْعَلُوهُ مِنْ أهْلِهَا. فوَجَدُوهُ أقْرَبَ إلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ بِشِبْرٍ، فَجَعَلوهُ مِنْ أهْلِهَا". [مُتَّفَقٌ عليه] (١٠). ولأنَّ التَّوْبةَ تَصِحُّ من الكُفْرِ، فمن القَتْلِ (١١) أَوْلَى. والآيةُ مَحْمولةٌ على مَنْ لم يَتُبْ، أو على أنَّ هذا جَزاؤُه إن جَازاهُ، وله العَفْوُ إذا شاء. وقوله: لا يَدْخُلُها النَّسْخُ. قُلْنا: لكنْ يَدْخُلُها التَّخْصِيصُ والتَّأْوِيلُ.

١٤١٥ - مسألة؛ قال أبو القاسم، رَحِمَهُ اللَّه: (والقَتْلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ عَمْدٌ، وشِبْهُ الْعَمْدِ، وخَطَأٌ)

---

= ٦/ ٥٩. ومسلم، في: كتاب التفسير. صحيح مسلم ٤/ ٢٣١٨. وأبو داود، في: باب في تعظيم قتل المؤمن، من كتاب الفتن. سنن أبي داود ٢/ ٤١٩، ٤٢٠. والنسائي، في: باب تعظيم الدم، من كتاب تحريم الدم. المجتبى ٧/ ٧٨، ٨٠. وابن ماجه، في: باب هل لقاتل مؤمن توبة، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٧٤. والبيهقي، في: باب أصل تحريم القتل في القرآن، من كتاب الجنايات. السنن الكبرى ٨/ ١٥، ١٦.
(٧) في ب، م: "ولا".
(٨) سورة النساء ٤٨.
(٩) سورة الزمر ٥٣.
(١٠) سقط من: م. وأخرجه البخاري، في: باب حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب، من كتاب الأنبياء. صحيح البخاري ٤/ ٢١١، ٢١٢. ومسلم، في: باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، من كتاب التوبة. صحيح مسلم ٤/ ٢١١٨، ٢١١٩.
كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٧٢.
(١١) في الأصل: "القاتل".